للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الوجه سخف ممن يرضى به [وقد (١) جاء في الاثر في المداحين ما جاء] ، إلا أنه قد ينتفع به في الاقصار عن الشر والتزيد من الخير وفي أن يرغب في مثل ذلك الخلق الممدوح من سمعه. ولقد صح عندي أن بعض السائسين للدنيا لقي رجلاً من أهل الأذى للناس، وقد قلده (٢) بعض الأعمال بالجميل والرفق منتشراً، فكان ذلك سبباً إلى إقصار ذلك الفاسق عن كثير من شره.

٩٨ - بعض أنواع النصيحة يشكل تمييزه من النميمة لأن من سمع إنساناً يذم آخر ظالماً له أو يكيده ظالماً له فكتم ذلك على وجهه كان ربما قد ولد على الذام (٣) والكائد ما لم يبلغ استحقاقه بعد من الأذى فيكون ظالماً له، وليس من الحق أن يقتص من الظالم بأكثر من قدر ظلمه. والتخلص من هذا الباب صعب إلا على ذوي العقول. والرأي للعاقل في مثل هذا أن يحفظ المقول فيه من القائل فقط دون أن يبلغه ما قال لئلا يقع في الاسترسال إليه فيهلك. وأما في الكيد، فالواجب أن يحفظه من الوجه الذي يكاد منه بألطف ما يقدر في الكتمان على الكائد، وأبلغ ما يقدر في تحفيظ المكيد، ولا يزد على هذا شيئاً. وأما النميمة فهي التبليغ لما سمع مما لا ضرر فيه على المبلغ إليه، وبالله تعالى التوفيق.

٩٩ - النصيحة مرتان، فالأولى فرض وديانة والثانية تنبيه وتذكير، وأما الثالثة فتوبيخ وتقريع وليس وراء ذلك إلا الركل واللطام (٤) ، وربما


(١) يشير الى مثل قوله (ص) : " اذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب " (كشف الخفاء ١: ٩٤) وأخرجه أحمد وأبو داود والترمذي عن المقداد بن الأسود، والطبراني وابن حبان عن ابن عمر، والحاكم في الكنى عن أنس.
(٢) د: قلد.
(٣) ص: على الدوام، واعتمدت قراءة د.
(٤) ص: واللكام.

<<  <  ج: ص:  >  >>