للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تختص (١) به والذي أعجبت بنفاذك فيه، أكثر مما تعلم من ذلك، فاجعل مكان العجب استنقاصاً لنفسك واستقصاراً لها، فهو أولى. وتفكر فيمن كان أعلم منك تجدهم كثيراً، فلتهن نفسك عندك حينئذ.

وتفكر في إخلالك بعلمك، فانك لا تعمل بما علمت منه فعلمك عليك حجة حينئذ، لقد كان أسلم لك لو لم تكن عالماً. واعلم ان الجاهل حينئذ أعقل منك وأحسن حالاً وأعذر، فليسقط عجبك بالكلية.

ثم لعل علمك الذي تعجب بنفاذك فيه من العلوم المتأخرة التي لا كبير خصلة فيها كالشعر وما جرى مجراه، فانظر حينئذ إلى من علمه أجل من علمك في مراتب الدنيا والآخرة، فتهون نفسك عليك.

(هـ) وان أعجبت بشجاعتك فتفكر فيمن هو أشجع منك ثم انظر في تلك النجدة التي منحك الله تعالى فيما صرفتها، فان كنت صرفتها في معصية فأنت أحمق، لأنك بذلت نفسك فيما ليس بثمن لها. وان كنت صرفتها في طاعة فقد أفسدتها بعجبك، ثم تفكر في زوالها عنك بالشيخ، وانك إن عشت فستصير في عدد العيال وكالصبي ضعفاً.

على أني ما رأيت العجب في طائفة أقل منه في أهل الشجاعة، فاستدللت بذلك على نزاهة أنفسهم ورفعتها وعلوها.

(و) وإن اعجبت بجاهك في دنياك فتفكر في مخالفيك واندادك ونظائرك (٢) ولعلهم أخساء وضعاء (٣) سقاط. فاعلم أنهم أمثالك فيما أنت فيه ولعلهم ممن يستحيي من التشبه بهم لفرط رذالتهم وخساستهم في أنفسهم وفي أخلاقهم ومنابتهم، فاستهن بكل منزلة شارك فيها من ذكرت لك.


(١) م: من أنواع العلم ثم من أصناف علمك الذي تختص الخ.
(٢) د: ونظرائك (وهي أصوب) .
(٣) ص: وضعفاء، وهذه قراءة م.

<<  <  ج: ص:  >  >>