للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجلالة والراحة من الطمع فيما عندك. [و] العاقل هو من لا يفارق ما أوجبه تمييزه، ومن سبب للناس الطمع فيما عنده لم يحصل إلا على أن يبذله لهم، فلا غاية لهذا أو يمنعهم فيلؤم ويعادونه، فإذا أردت أن تعطي أحداً شيئاً فليكن ذلك منك قبل أن يسألك، فهو أكرم وأنزه وأوجب للمجد (١) .

١٧٤ - من بديع ما يقع في الحسد قول الحاسد إذا سمع إنساناً يغرب (٢) في علم ما: " هذا شيء بارد، إذ لم يتقدم إليه ولا قاله قبله أحد ". فإن سمع من يبين ما قد قاله غيره قال: " هذا بارد وقد قيل قبله ". وهذه طائفة سوء قد نصبت أنفسها للقعود على طريق العلم يصدون الناس عنها ليكثر نظراؤهم من الجهال.

١٧٥ - إن الحكيم لا تنفعه حكمته عند الخبيث الطبع، بل يظنه خبيثاً مثله. وقد شاهدت أقواماً ذوي طبائع ردية، وقد تصور في أنفسهم الخبيثة أن الناس كلهم على مثل طبائعهم لا يصدقون أصلاً بأن أحداً هو سالم من رذائلهم بوجه من الوجوه، وهذا أفسد (٣) ما يكون من فساد الطبع والبعد عن الفضل والخير. ومن كانت هذه صفته لا ترجى له معافاة (٤) أبداً، وبالله تعالى التوفيق.

١٧٦ - العدل حصن يلجأ إليه كل خائف، وذلك أنك ترى الظالم إذا رأى من يريد ظلمه دعا إلى العدل وأنكر الظلم حينئذ وذمه، ولا ترى أحداً يذم العدل. فمن كان العدل في طبعه فهو ساكن في ذلك الحصن الحصين.

١٧٧ - الاستهانة نوع من (٥) أنواع الخيانة: إذ قد يخونك من


(١) د: للحمد.
(٢) ص: يعرف.
(٣) م: أسوأ.
(٤) ص: معانا، د: معاناة.
(٥) ص: من نوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>