للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلا فداؤهم وضررهم على الناس عظيم جداً، فلا تجدهم إلا عيابين للناس وقاعين في الأعراض، مستهزئين بالجميع، مجانبين للحقائق، مكبين على الفضول، وربما كانوا مع ذلك متعرضين للمشاتمة والمهارشة، وربما قصدوا إلى الملاطمة والمضاربة عند أدنى سبب يعرض لهم.

١٧٠ - وقد يكون العجب كميناً في المرء حتى إذا حصل على أدنى جاه ومال ظهر ذلك عليه، وعجز عقله عن قمعه وستره.

١٧١ - ومن طريف ما رأيت في بعض أهل الضعف أن منهم من يغلبه ما يضمر من محبة ولده الصغير وامرأته حتى يصفها بالعقل في المحافل، وحتى إنه يقول هي أعقل مني، وأنا أتبرك بوصيتها. وأما مدحه إياها بالجمال والحسن والعافية فكثير في أهل الضعف جداً، حتى انه لو كان خاطباً لها زاد على ما يقول في ترغيب السامع لوصفه فيها، ولا يكون هذا إلا في ضعيف العقل عار من العجب بنفسه.

١٧٢ - إياك والامتداح، فغن كل من يسمعك، لا يصدقك وإن كنت صادقاً، بل يجعل ما سمع منك من ذلك من أول معايبك، وإياك ومدح أحد في وجهه، فإنه فعل أهل الملق وضعفة النفوس. وإياك وذم أحد في حضرته ولا في مغيبه، فلك في إصلاح نفسك شغل.

١٧٣ - وإياك والتفاقر (١) ، فإنك ما تحصل من ذلك إلا على تكذيبك أو احتقار من يسمعك، ولا منفعة لك في ذلك أصلاً إلا كفر نعمة ربك وشكواه إلى من لا يرحمك. وإياك ووصف نفسك باليسار، فإنك لا تزيد على اطماع السامعين فيما عندك ببطر (٢) ولا تزد على شكر الله تعالى وذكر فقرك إليه وغناك عمن دونه فغن هذا يكسبك


(١) ص: التفاخر، والتفاقر: التظاهر بالفقر.
(٢) ببطر: غير معجمة في ص، وسقطت من د.

<<  <  ج: ص:  >  >>