للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ليتفكر الإنسان فيمن ذكر بخير أو بشر، هل يزيده ذلك عند الله تعالى درجة أو يكسبه فضيلة لم يكن حازها بفعله أيام حياته. فإذا (١) هذا كما قلنا فالرغبة في الذكر رغبة في غرور (٢) ، ولا معنى له ولا فائدة فيه أصلا، لكن إنما ينبغي ان يرغب العاقل في الاستكثار من الفضائل وأعمال البر التي يستحق من هي فيه الذكر الجميل والثناء والحسن والمدح وحميد الصفة، فهي التي تقربه من بارئه تعالى وتجعله مذكوراً عنده عز وجل الذكر الذي ينفعه ويحصل على بقاء فائدته ولا يبيد أبد الأبد، وبالله الوفيق.

٢١٤ - شكر المحسن (٣) فرض واجب، وإنما ذلك بالمقارنة له يمثل ما احسن فاكثر، ثم بالتهمم بأموره والتأتي بحسن الدفاع عنه ثم بالوفاء له، حياً وميتاً، ولمن يتصل به من شأفة (٤) وأهل كذلك، ثم بالتمادي على وده ونصيحته ونشر محاسنه بالصدق وطي مساويه ما دمت حياً وتوريث ذلك عقبك وأهل ودك. وليس من الشكر عونه على الآثام وترك نصيحته في ما يوتغ (٥) به دينه ودنياه، بل من عاون من أحسن إليه على باطل فقد غشه وكفر إحسانه وظلمه وجحد إنعامه. وأيضاً فان إحسان الله تعالى وإنعامه عز وجل على كل أحد اعظم واقدم وأهنأ من نعمة كل منعم دونه، فهو تعالى الذي شق لنا الإبصار الناظرة وفتق فينا الآذان السامعة ومنحنا الحواس الفاضلة ورزقنا النطق والتمييز اللذين بهما استأهلنا ان يخاطبنا، وسخر لنا ما في السماوات و [ما في] (٦) الأرض من الكواكب والعناصر، ولم يفضل


(١) م: فاذا كان هذا.
(٢) م: رغبة غرور.
(٣) م: شكر المنعم.
(٤) شأفة الرجل: أهله وماله، وفي ص: مسافة وكذلك في د.
(٥) يزتغ: يهلك، وأوتغ دينه بالإثم أفسده.
(٦) زيادة من د.

<<  <  ج: ص:  >  >>