للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حمزة بن الحسن الأصبهاني في أخبار أصبهان (١) ، وكتاب الموصلي وغيره في أخبار مصر، وكما بلغنا سائر تآليفهم في أنحاء العلوم. وقد بلغنا تأليف القاضي أبي العباس محمد بن عبدون القيرواني في الشروط واعتراضه على الشافعي رحمه الله تعالى (٢) ، وكذلك بلغنا رد القاضي [عبد الله بن] أحمد بن طالب التميمي على أبي حنيفة وتشنيعه على الشافعي (٣) ، وكتب ابن عبدوس ومحمد بن سحنون (٤) وغير ذلك من خوامل تآليفهم دون مشهورها.

٨ - وأما جهتنا فالحكم في ذلك ما جرى به المثل السائر " أزهد الناس في عالمٍ أهله ". وقرأت في الإنجيل أن عيسى عليه السلام قال: " لا يفقد النبي حرمته إلأ في بلده ". وقد تيقنا ذلك بما لقي النبي صلى الله عليه وسلم مع قريش، وهم أوفر الناس أحلاماً، وأصحهم عقولاً، وأشدهم تثبتاً، مع ما خصوا به من سكناهم أفضل البقاع، وتغذيتهم بأكرم المياه، حتى خص الله الأوس والخزرج بالفضيلة التي أبانهم بها عن جميع الناس، والله يؤتي فضله من يشاء. ولا سيما أندلسنا، فإنها خُصت من حسد أهلها للعالم الظاهر فيهم، الماهر منهم، واستقلالهم، كثير ما يأتي به، واستهجانهم حسناته، وتتبعهم سقطاته وعثراته، وأكثر ذلك مدة حياته، بأضعاف ما في سائر البلاد. إن أجاد قالوا: سارقٌ مغير، ومنتحل مدع، وإن توسط قالوا: غثٌ بارد وضعيف ساقط، وإن باكر الحيازة لقصب السبق قالوا: متى كان هذا ومتى تعلم وفي أي زمان قرأ ولأمه الهَبَل. وبعد ذلك إن ولجت به الأقدار أحد طريقين إما شفوفاً بائناً يعليه على نظرائه، أو سلوكاً في غير السبيل التي عهدوها، فهنالك حمي الوطيس على البائس، وصار غرضاً للأقوال، وهدفاً للمطالب، ونصباً للتسبب إليه، ونهباً للألسنة، وعرضةً للتطرق إلى عرضه، وربما نحل ما لم يقل، وطوق ما لم يتقلد، وألحق به ما لم يفه به ولا اعتقده قلبه، وبالحرى، وهو السابق المبرز إن لم يتعلق من


(١) حمزة بن الحسن الأصبهاني: ترجم له أبو نعيم في تاريخ أصبهان ١: ٣٠٠ وقد وصلنا من كتبه تواريخ سني ملوك الأرض والأنبياء، والدرة الفاخرة، وهي الأمثال التي جاءت على وزن أفعل التفضيل (ميونخ: ٦٤٢ والفاتيكان: ٥٢٦ وداماد إبراهيم: ٩٦٣ وقد طبع في القاهرة بتحقيق الدكتور عبد المجيد قطامش) ، وشرح ديوان أبي نواس (نشر منه الجزء الأول والثاني بعناية فاغنر) ، ولم يوجد كتابه في أخبار أصبهان.
(٢) انظر الخشني: ٣٠٦، وكان ابن عبدون قاضياً في القيروان؛ قال: وكان موثقاً كاتباً للشروط والوثائق (انظر علماء افريقية: ٢٥٧، ٢٩٧) .
(٣) انظر المالكي: ٣٧٥، ٥٠٤؛ قال: وله كتب يرد فيها على الشافعي لا بأس بها، وانظر علماء أفريقية ٢٥٧، ٢٩٧.
(٤) انظر الخشني: ١٨٢، ١٧٨، والمالكي: ٣٦٠، ٣٤٥ حيث ترجمة كل من ابن عبدوس وابن سحنون.

<<  <  ج: ص:  >  >>