فاعلموا الآن أنه كان مذ دخلوا الأرض المقدسة إثر موت موسى عليه السلام إلى ولاية أول ملك لهم - وهو شاول المذكور - سبع ردات فارقوا فيها الإيمان وأعلنوا بعبادة الأصنام. فأولها بقوا فيها ثمانية أعوام، والثانية ثمانية عشر عاماً، والثالثة عشرين عاماً، والرابعة سبعة أعوام، والخامسة ثلاثة أعوام وربما أكثر، والسادسة ثمانية عشر عاماً، والسابعة اربعين عاماً. فتأملوا أي كتاب يبقى مع تمادي الكفر ورفض الإيمان هذه المدد الطوال في بلد صغير مقدار ثلاثة أيام في مثلها فقط. ليس على دينهم واتباع كتابهم أحد على ظهر الأرض غيرهم.
ثم مات شاول المذكور مقتولاً وولي أمرهم داود عليه السلام وهم ينسبون إليه الزنا علانية بأم سليمان عليه السلام، وأنها ولدت منه من الزنا ابناً مات قبل ولادة سليمان، فعلى من يضيف هذا إلى الأنبياء عليهم السلام ألف ألف لعنة. وينسبون إليه أنه قتل جميع أولاد شاول لذنب أبيهم، حاشا صغيراً مقعداً كان فيهم فقط. وكانت مدته عليه السلام أربعين سنة.
ثم ولي سليمان عليه السلام، وقد وصفوه بما ذكرنا قبل وذكروا عنه أن نفقته فرضها على الأسباط لطل سبط شهر من السنة، وأن جنده كانوا اثني عشر ألف فارس على الخيل وأربعين ألفاً على الرمك خلافاً لما في التوراة أن لا يكثروا من الخيل. وهو الذي بنى الهيكل في بيت المقدس وجعل فيه السرادق والمذبح والمنارة الآن والقربان والتوراة والتابوت وسكينة بني هارون، فكانت ولايته أربعين سنة.
ثم مات عليه السلام فافترق أمر بني إسرائيل فصار بنو يهوذا وبنو بنيامين لبني سليمان بن داود عليه السلام في بيت المقدس، وصار ملك الأسباط العشرة الباقية إلى ملك آخر منهم يسكن بنابلس على ثمانية عشر ميلاً من بيت المقدس. وبقوا كذلك إلى ابتداء إدبار أمرهم على ما نبين إن شاء الله تعالى.
فنذكر بحول الله تعالى وقوته أسماء ملوك بني سليمان عليه السلام وأديانهم. ثم نذكر ملوك الأسباط العشرة وبالله عز وجل نتأيد ليرى كل واحد كيف كانت حال التوراة والديانة في أيام دولتهم.
قال أبو محمد رضي الله عنه:
ولي إثر موت سليمان بن داود عليه السلام ابنه رحبعام بن سليمان وله ست عشرة