للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطليطلة فسر الحكم به. قال أبو الوليد ابن الصفار: وفي تلك السنة مات أبي - يعني سنة اثنتين وخمسين. وأنشدني له أبو محمد علي بن أحمد: [من الطويل]

أتوا حسبة أن قيل جدَّ نحوله ... فلم يبق من لحم عليه ولا عظم

فعادوا قميصاً في فراش فلم يروا ... ولا لمسوا شيئاً يدلُّ على جسم

طواه الهوى في ثوب سقم من الضنى ... فليس بمحسوس بعينٍ ولا وهم - ٤ -

وأخبرني أبو محمد علي بن أحمد قال (١) : أخبرني القاضي أبو الوليد يونس بن عبد الله (٢) عن أبيه، أنه شاهد قاضي الجماعة محمد بن أبي عيسى (٣) في دار رجلٍ من بني جدير مع أخيه أبي عيسى في ناحية مقابر قريش وقد خرجوا لحضور جنازة، وجارية للحديري تغنيهم هذه الأبيات: [من الكامل]

طابت بطيب لثاتك الأقداح ... وزهت بحمرة خدك التفاح

وإذا الربيع تنسمت أرواحه ... طابت بطيب نسيمك الأرواح

وإذا الحنادس ألبست ظلماءها ... فضياء وجهك في الدُّجى المصباح قال: وكتبها قاضي الجماعة في يده ثم خرجوا. قال: فلقد رأيته يكبر للصلاة على الجنازة، والأبيات مكتوبة على باطن كفه.

- ٥ -

حدثني ابو محمد علي بن أحمد قال (٤) : حدثني خلف بن عثمان المعروف بابن اللجام (٥) قال: حدثني يحيى بن هذيل (٦) أن أول تعرضه للشعر إنما كان لأنه حضر جنازة أحمد بن محمد بن عبد ربه، قال: وأنا يومئذ في أوان الشبيبة. قال: فرأيت فيها من الجمع العظيم وتكاثر الناس شيئاً راعني، فقلت: لمن هذه الجنازة فقيل لي


(١) الجذوة: ٧٠ (بغية الملتمس رقم: ٢١٨) ونفح الطيب: ٣: ٥٦٤.
(٢) هو ابن الصفار أحد شيوخ ابن حزم، وقد مر التعريف به في الجزء الأول: ٢١٤.
(٣) محمد بن أبي عيسى: هو محمد بن عبد الله من بني يحيى بن يحيى الليثي، قرطبي رحل إلى المشرق ٣١٢ وكان حافظاً للرأي معنياً بالآثار شاعراً، تولى قضاء الجماعة بقرطبة سنة ٣٢٦، مات في بعض الحصون المجاورة لطليطلة ودفن بها سنة ٣٣٩ (ابن الفرضي ٢: ٦١ وانظر الجذوة والبغية) .
(٤) الجذوة: ٣٥٨ (بغية الملتمس رقم: ١٤٩٥) .
(٥) من أصحاب الأصيلي، انظر الجذوة: ١٩٥ والصلة: ١٦٢. (- ٤٩١) .
(٦) راجع التعليقات على كتاب التشبيهات لابن الكتاني: ٣٣٧ - ٣٣٨ ففيها ترجمة موجزة له وذكر للمصادر.

<<  <  ج: ص:  >  >>