للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في القول، ما نبرأ منه إلى ذي القوة والحول.. فما أدري من أي شؤون هذا المدل بذنبه المجترئ على ربه أعجب: ألتفضيل هذا اليهودي المأفون على الأنبياء والمرسلين، أم خلعه إليه الدنيا والدين، حشره الله تحت لوائه، ولا أدخله الجنة إلا بفضل اعتنائه " (١) وللمنفتل هذا رسالة يذكر فيها فقره ورحلته عن قرطبة، يؤم جناب إسماعيل بن يوسف " فتى كرم خالاً وعماً، وشرح من المجد ما كان معمى، قساً فصاحة، وكعباً سماحة، ولقمان علماً، والأحنف حلماً " ويطنب فيها في الثناء عليه رجاء نواله ويختم رسالته بقصيدة مدحية أيضاً (٢) .

وهذا السلطان الواسع الذي أحرزه إسماعيل هو الذي مكن لليهود في كثير من الشؤون الإدارية والمالية لأنه كان يختار الموظفين منهم، فاكتسبوا الجاه في أيامه واستطالوا على المسلمين (٣) ، ثم أن هذا الجاه الدنيوي هو الذي ساعد الجماعة اليهودية يومئذ على تثبيت اللغة اليهودية وبعث الثقافة اليهودية والظهور بذلك.

٣ - يوسف ابن النغريلة:

وخلفه على الوزارة ابنه يوسف وكان فتى جميل الوجه حاد الذهن مقروفاً ببعض الشؤون (٤) ، وكان أبوه قد حمله على مطالعة بعض الكتب إليه المعلمين والأدباء من كل ناحية يعلمونه ويدارسونه، وأعلقه بصنعة الكتابة، وألحقه بخدمة بلكين بن باديس (٥) . وكان لباديس وزيران هما: علي وعبد الله ابنا القوري، فترقب إليهما يوسف بالأموال حتى اطمئن إليه ونصحا لباديس بالاعتماد عليه، فقدمه باديس على العمال والجبايات، فنفق لديه بتدبير الأموال حتى انتزع له بالحيلة ما كان بيد ابني القوري من أملاك (٦) . فاغتاظ ابنا القوري من ذلك وشاركهم شعورهم بعض رجال الدولة وحرضوا بلقين (بلكين) على قتله، وكان بلكين رجلاً لا يستطيع كتمان سر، فأخذ يتحدث بقتله علناً، فاحتال عليه اليهودي بأن دعاه للشرب عنده وتخلص منه بالسم، وكانت هذه الحادثة مما أثار الناس على اليهودي حتى هموا بقتله لأن بلكين كان


(١) انظر الذخيرة ١/ ٢: ٧٦٣ - ٧٦٥.
(٢) المصدر السابق: ٧٦١ - ٧٦٣.
(٣) الإحاطة: ٤٤٦.
(٤) الذخيرة ١/ ٢: ٧٦٦.
(٥) الإحاطة ١: ٤٤٧.
(٦) انظر التبيان: ٣٧ - ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>