للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرجواً لديهم. ولم يكف يوسف عن أساليبه فظل يتعقب ابني القوري حتى نفاهما عما تبقى لهما من أملاك، وازدهاه انتصاره وأبطره.

ومن الأسباب التي مكنت له في الدولة (١) :

(أ) كبر سن باديس وإسلامه الأمور كلها له واشتغال باديس بالشرب حتى كان لا يكاد يصحو.

(ب) اختلاف النساء في القصر حول من يقدم للإمارة بعد باديس وتوصل يوسف إليهن بأسباب الخدمة.

(ج) عمله مع أناس قليلي التجارب من مثل ابني القوري وبلكين وأشباههم وجريه فيهم على سياسة التفرقة وتضريب بعضهم ببعض.

أما الأسباب التي أدت إلى مصرعه فيمكن إجمالها فيما يلي:

(أ) توسع شأن اليهود وتسلطهم على المسلمين في حكومته وحكومة أبيه من قبله ونفور المسلمين من دفع الجبايات لهم، خصوصاً وأن باديس لم يأذن - رسمياً - لليهود بمطالبة المسلمين، ولكن يوسف وأعوانه كانوا يحتالون لذلك.

(ب) الصراع بينه وبين الناية وهو عبد للمعتضد بن عباد فر إلى غرناطة ولقي حظوة عند باديس، وكانت المنافسة بينه وبين اليهودي شديدة، وأخذ باديس يصغي إليه فيما يقوله ضد يوسف بعض إصغاء.

(ج) كثرت مؤامرات النساء وتشابكت وكانت كلما انكشفت واحدة منها عصبت برأس اليهودي، فرأى يوسف أن لا مخلص له إلا في التآمر مع صاحب المرية - ابن صمادح - ليستولي على غرناطة ويتخلص من باديس. وإتماماً لهذه المؤامرة نصح يوسف لباديس أن يقصي أكابر صنهاجة عن غرناطة ويوليهم الولايات بعيداً عنها، وانكشفت مؤامراته ونادى المنادي بذلك في الأسواق فهبت صنهاجة لدفع ذلك.

(د) عدم تورعه عن نقد الأديان والتطاول عليها في سخرية (٢) ، حتى كان اليهود أنفسهم غير راضين عنه، بل هم يتشاءمون باسمه ويتظلمون من جور حكمه،


(١) التبيان: ٤١ وما بعدها.
(٢) يذكر ابن بسام (الذخيرة ١/ ٢:٧٦٦) أنه كان يمتدح بالطعن على الملل.

<<  <  ج: ص:  >  >>