للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآيتين متفقتان يصدق بعضهما بعضاً. ولكن ليذكر هذا الجاهل على ما يفتتحون به كذبهم المفترى وبهتانهم المختلق الذي يسمونه " التوراة " إذ يفترون (١) ان الله تعالى خلق إنساناً مثله، ولم يكن انفرد عنه تعالى إلا بشيئين: علم الشر والخير، ودوام الخلود والحياة، وأن آدم صلوات الله وسلامه عليه أكل من الشجرة التي فيها علم الخير والشر، فلما خالفه عظم ذلك عليه؛ قال: هذا آدم أكل من الشجرة التي بها يكون علم الخير والشر فساوانا في ذلك، فإن أكل من شجرة الحياة حصل على الخلد فكان مثلنا لا فضل لنا فيه، فجعل يخرجه من الجنة وفي يده سيف يذود به شجرة الحياة (٢) . حتى لقد انسخف (٣) جماعة من نوكاهم إلى ان قالوا: إن لآدم كان إنساناً من نوع الإنس الذي نحن منه، حصل على [١٥١/ أ] أكل شجرة الحياة فزاد (٤) بهاؤه وحصل له الخلد. فلو أن (٥) هذا الخسيس الجاهل تبراً إلى الله تعالى من المظاهرة لهذا الوضع وهذا الاعتقاد الساقط لكان أحظى (٦) له. ولكن يأبى الله تعالى إلا أن يجعل له الخزي والمهانة، ويؤجل له الخلود بين أطباق النيران المعدة له ولأمثاله ولأشباهه والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً.

١٢ - الفصل الثالث (٧) : وكان مما اعترض به أيضاً ان ذكر قوله عز وجل {قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين} إلى منتهى قوله في الآية نفسها {وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين} (فصلت: ١٠) قال: فذكر في هذه الآية خلق الأرض في يومين وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام، فهذه ستة أيام، ثم ذكر قوله تعالى {ثم استوى إلى السماء وهي دخان} (فصلت:١١) إلى منتهى قوله تعالى {فقضاهن سبع سموات في يومين} (فصلت: ١٢) . ثم ذكر قوله تعالى {ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام} (ق: ٣٨) .

١٣ - قال أبو محمد: والقول في هذه الآيات كالقول في التي مضى فيها الكلام


(١) ص: يقرون.
(٢) انظر سفر التكوين ٢: ٩، ٣: ٢٢.
(٣) ص: إذا انكسف.
(٤) ص: فدار.
(٥) ص: قالوا إن.
(٦) ص: أخطأ.
(٧) ص: السادس.

<<  <  ج: ص:  >  >>