للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا فرق، وهي أنها تكتفي بظاهرها عن تكلف تأويل لها، وأنه لا يظن في شيء من هذا كله اختلافاً (١) إلا عديم العقل سليب التمييز مطموس عين القلب ظليم الجهل، لأنه تعالى إنما ذكر خلق الجميع من السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، فسر لنا تعالى تلك الأيام الستة، فمنها يومان خلق فيهما (٢) الأرض ومنها أربعة أيام قدر في الأرض أقواتها، وأنه تعالى قضى السموات سبعاً في يومين، وقد صح بما تلونا قبل أن تسويته تعالى السموات سبعاً كان بعد خلقه لما في الأرض جميعاً، فاليومان اللذان خلق [الله] تعالى فيهما السموات سبعاً هما اليومان الآخران من الأربعة [١٥١ ب] الأيام التي قدر فيها أقوات الأرض لأن التقدير هو غير الخلق، لان الخلق هو الاختراع والإبداع وإخراج الشيء من ليس إلى أيس بمعنى من لا شيء إلى ان يكون شيئاً موجوداً. وأما التقدير فهو الترتيب وإحكام الأشياء الموجودات بعد إيجادها، وهذه معان لا يعلمها إلا من أعز الله تعالى نفسه من ذوي الهمم الرفيعة، المترفعة عن مهانة الإساءة ودناءة المعايش، القاصدة (٣) إلى طلب المعاني الفاضلة (٤) والحقائق المؤدية إلى معرفة الله تعالى، ومعرفة رسوله صلى الله عليه وسلم، والدخول في ظل الإسلام والملة الحنيفية المصحبة من الله تعالى السعد في الدنيا والنصرة والعزة، المتكفل لها في الآخرة بالفوز بالجنة والقبول والرضوان والريحان، والحمد لله رب العالمين الذي جعلنا من أهلها، وإياه تعالى نسأل ان يميتنا عليها حتى نلقاه وهو راض عنا، آمين. وأما من لم يقطع دهره إلا بالسرقة ولا أفنى عمره إلا بالخيانة والغش فبعيد عن إدراك هذه المعاني وفهمها.

١٤ - وليت شعري أين كان هذا الخسيس المائق إذ اعترض بهذا الاعتراض على هذه الأنوار الساطعة والحقائق الظاهرة عن التفكر فيما يقرأونه في هذيانهم المخترع وزورهم المفتعل الذي يسمونه " التوراة " إذ يقولون (٥) : إن الله تعالى خلق الخلق في ستة أيام، واستراح في اليوم السابع وهل تكون الراحة إلا لتعب ونصب قد خارت قواه وضعفت طبيعته فمثل هذا وشبههه من دينه الخسيس الذي يستسر (٦) به لو تهمم


(١) ص: اختلافاً.
(٢) ص: فيها.
(٣) القاصدة: غير معجمة في ص.
(٤) ص: الفاصلة.
(٥) انظر سفر التكوين ٢: ١.
(٦) ص: يتسر.

<<  <  ج: ص:  >  >>