بعض قصائده في الطوق على انه جرب المنحى الزهدي في شعره في عهد مبكر، وأنه كان يطيل في قصائده وخاصة الوعظية والفخرية. وسيزداد نظم ابن حزم للشعر بعد الطوق، وربما قلل فيه من الحديث عن الحب، غير أنه أكثر من الوعظيات والفقيهات والدفاع عن مذهبه ومدح الحديث وكتبه، وزادت البديهة لديه، حتى ابتعد نظمه عن الشعر الصحيح، وقد قام تلميذه الحميدي بجمع شعره وترتيبه على حروف المعجم، ولكن هذا الديوان لم يصلنا.
١١ - نثره:
من الواضح لمن يقرأ الطوق ان نثر ابن حزم فيه يقف موقف المفارقة من شعره، فهو أكثر شاعرية، وأحفل بالحيوية، وأقل حظاً من المحاكمات الذهنية، ولا يتعدى هذا النثر ثلاثة طرائق، تجيء أحياناً مجتمعة في الفصول الطويلة، فينتقل القارئ فيما بينها نقلات مريحة، وتلك الطرائق هي التقرير والخبر أو الحكاية والوصف الفني. ويجمع بينها التكثيف المتعمد استجلاباً للقوة في طيعة الأسلوب وطلباً للتأثير، وإن كانت الحكاية غالباً حظاً من ذلك، ويليها في الإكثار منه التقرير ثم ينفرد الوصف الفني بالمبالغة في التكثيف.
ويتراوح التقرير في حظه من التكثيف بين إقلال وإكثار. وقد نقارن هنا بين قوله في الطاعة:" ومن عجيب ما يقع في الحب طاعة المحب لمحبوبه، وصرفه طباعه قسراً إلى طباع من يحبه، وربما يكون المرء شرس الخلق، صعب الشكيمة، جموح القياد، ماضي العزيمة، حمي الأنف، أبي الخسف، فما هو إلا أن يبتسم بنسيم الحب، ويتورط غمره، ويعوم في بحره، فتعود الشراسة لياناً والصعوبة سهالة، والمضاء كلالة، والحمية استسلاماً " فهنا يتدرج الأسلوب من الحديث عن الطاعة في جملتين إلى تصوير المحب في ست جمل إلى وصف الحالة عند الوقوع في الحب في ثلاث جمل إلى النتيجة في أربع (٢ - ٦ - ٣ - ٤) وعند السؤال لماذا