للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {إن الحسنات يذهبن السيئات} (هود: ١١٤) ، وقال تعال: {فأما من ثقلت موازينه} (القارعة: ٦) .

والرابعة: انه تعالى جعل السيئة بمثلها والحسنة بعشر امثالها، ويضاعف الله تعالى لمن شاء.

والخامسة: انه تعالى جعل الابتداء على من أحاطت به خطيئته، وغلب شره على خيره، بالعذاب والعقاب، ثم نقله عنه بالشفاعة إلى الجنة فخلده فيها، ولم يجعل (١) ابتداء جزائه على حسناته بالجنة، ثم ينقله منها إلى النار. فهل بعد ذلك الفضل منزلة نسأل الله أن لا يدخلنا في عداد من يعذبه بمنه. فهذا أصلحنا الله وإياكم جواب [٢٣٩ ب] ما سألتم عنه مما يكفر الذنوب الكبائر، وفيما يأتي بعد أيضاً من الجواب في سائر ما سألتم عنه، أشياء تستضيف إلى ما قد ذكرنا بحول الله تعالى وقوته.

٢ - وسألتم عن العمل الذي إذا قطع المرء به باقي عمره رجوت له الفوز عند الله عز وجل، وأيقنت له به، وعن السيرة التي أختارها وأحسد عليها من أعطيها، من أبواب التخلص من سخط الله في القول والعمل. وهاتان مسالتان وإن كنتم فرقتم بينهما فهي واحدة فأقول - وبالله [تعالى] التوفيق -: إني قد أدمت البحث عما سألتم عنه مدى دهر طويل، وفتشت عنه القرآن والحديث الصحيح، فلاح لي بعد طلب كثير، وتحصل لي بعد طلب شديد ما أخاطبكم به، أسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لطاعته آمين. وقد كنت جمعت في هذا فصلاً نسخته لكم على هيئته، وهو أن فتشت على مراتب الحقائق في دار القرار في الآخرة - وإما الدنيا فمحل مبيت بؤسها منقض (٢) ، وسورها منسي كأن ذلك لم يكن - فوجدتها عشر مراتب، منها ثلاث هي مراتب الملك، والعلو، والسبق.

فأولها: مرتبة عالم يعلم الناس دينهم، فإن كل من عمل بتعليمه أو علم شيئاً مما كان هو السبب في علمه، فذلك العالم والمتعلم شريك له في الأجر إلى يوم القيامة على آباد الدهور، فيا لها منزلة ما أرفعها، أن يكون المرء أشلاء متمزعة في قبره أو مشتغلاً


(١) ص: يجل.
(٢) ص: منقضى.

<<  <  ج: ص:  >  >>