للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما توفيقي إلا بالله عز وجل. ومن احب قوماً فهو معهم، فقد قال رجل: يا رسول الله [٢٤٠ ب] متى الساعة فقال له عليه السلام: ماذا أعددت لها فاستكان الرجل وقال: يا رسول الله، ما أعددت لها كبير صلاة ولا صيام، ولكني أحب الله ورسوله. فقال له (١) : أنت مع من أحببت؛ أو كما قال عليه السلام.

وبعد هذه المرتبة مرتبة رابعة، هي مرتبة الحظوة والقربة، وهي حالة إنسان مسلم فتح الله له باباً من أبواب البر مضافاً إلى أداء فرائضه، إما في كثرة الصيام أو كثرة صدقة، أو كثرة صلاة، أو كثرة حج وعمرة، وما أشبه ذلك، فهذا له نوافل عظيمة وخير كثير، إلا أنه ليس له إلا ما عمل، وصحيفته تطوى بموته، حاشا من حبس أرضاً أو أصلاً تجري صدقته بعده، كما اختار النبي لعمر رضي الله عنه إذ شاوره فيما يعمل في أرضه بخيبر، فإن هذا أيضاً تلحقه الحسنات بعد موته ما دامت الصدقة.

ولقد سمعت أبا علي الحسين بن سلمون المسيلي (٢) يقول كلاماً استحسنته، وهو انه قال لي يوماً: من كثرت ذنوبه فعليه بكسب الضياع. ولعمري لقد قال الحق، فإن الضيعة إذا كسبت من حل ومن ارض مباح اكتسابها، فقد نص النبي أن كل من أكل من غرس مسلم أو من زرعه فهو له صدقة (٣) . وإذا اكتسبت من غير وجه مرضي، فهي غل وثقل على من اكتسبها. فاعتمدوا على ما نص (٤) لكم نبيكم عليه السلام، ودعوا كلام الفساق من (٥) أهل الجهل الذين يفسدون في الأرض أكثر مما يصلحون. فيحكون عن رجل أنه وجد ابنته قد غرست دالة فقلعها وقال: إنا لم نبعث لغرس الدوالي. فاعلموا أن هذا الرجل جاهل سخيف العقل مخالف لرسول الله، مهلك للحرث، مفسد في الأرض. فهذه مرتبة رابعة، وهي دون المراتب الثلاث الأول.


(١) أنت مع من أحببت: في البخاري (فضائل الصحابة: ٦؛ أدب: ٩٥، ٩٦) ومسند أحمد ٥: ١٥٦.
(٢) الحسين بن سلمون المسيلي: كان أحد الفقهاء المشاورين في عهد سيلمان بن حكم الذين أمر بتأخيرهم علي بن حمود، ثم أعادهم إلى الشورى وتوفي ٤٣١ (انظر التكملة رقم: ٢٢٦ والصلة: ١٤٥) وفي ص: الحسن.
(٣) انظر البخاري (أدب: ٢٧؛ حرث: ١) ومسلم (مسافاة: ٧ - ١٠، ١٢) ومسند أحمد ٣: ١٤٧، ١٩٢؛ ٦: ٤٢٠.
(٤) ص: حض ما حض.
(٥) ص: عن.

<<  <  ج: ص:  >  >>