للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم مرتبة خامسة: وهي مرتبة الفوز والنجاة، وهي حالة إنسان مسلم يؤدي الفرائض ويجتنب الكبائر ويقتصر على ذلك، فإن فعل هذا فمضمون له على الله تعالى الغفران بجميع سيئاته ودخول الجنة والنجاة من النار؛ قال الله تعالى: {إن تجتنبوا كبائر مات تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريماً} (النساء: ٣١) ، وقد نص النبي عليه السلام في الذي سأله عن فرائض الإسلام فأخبره بها فقال: والله لا أزيد عليها ولا أنقص، قال عليه السلام (١) : أفلح عن صدق، ودخل الجنة إن صدق. فهذه المراتب الخمس هي مراتب الزلفى والقربى التي لا خوف على أهلها ولا هم يحزنون.

ثم بعدها مرتبتان [٢٤١/أ] وهما مرتبتا السلامة مع الغرر (٢) ، وعاقبتهما محمودة، إلا أن ابتداءهما مذموم مخوف هائل، وهما حال إنسان مسلم عمل خيراً كثيراً وشراً كثيراً، وأدى الفرائض وارتكب الكبائر، ثم رزقه الله التوبة قبل موته. والثانية حال امرئ مسلم عمل حسنات وكبائر ومات مصراً، إلا أن حسناته أكثر من سيئاته. وهذان غررا ولكنهما فائزان ناجيان بضمان الله عز وجل لهما إذ يقول: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى} (طه: ٨٢) ، ولقوله {فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية} (القارعة: ٦) ولقوله تعالى {عن الحسنات يذهبن السيئات} (هود: ١١٤) ، ولا خلاف بين أحد من أهل السنة فيما قلنا من هذا.

ثم مرتبة ثامنة وهي مرتبة أهل الأعراف، وهي مرتبة خوف شديد وهول عظيم، إلا أن العاقبة إلى سلامة، وهي (٣) حال امرئ مسلم تساوت حسناته وكبائره، فلم تفضل له حسنة يستحق بها الرحمة، ولا فضلت له سيئة يستحق [بها العذاب] . وقد وصف الله صفة هؤلاء في الأعراف، فقال تعالى بعد أن ذكر مخاطبة أهل الجنة لأهل النار {فهل وجدتم ما وعد ربكم قالوا نعم} (الأعراف: ٤٤) ثم قال بعد آية {وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلاً بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون* وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين} (الأعراف: ٤٦ - ٤٧) .


(١) انظر البخاري (إيمان: ٣) ومسلم (٨، ٩) والنسائي (صلاة: ٤) .
(٢) ص: الغرور.
(٣) ص: إن.

<<  <  ج: ص:  >  >>