للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كتب الرأي، فاعلموا أنها لا تحل قراءتها على معنى تقليد ما فيها والتدين به، ويكفي في هذا قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول عن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} (النساء: ٥٩) ، فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فحرام عليه أن يرد شيئاً مما اختلف فيه إلى قول عائشة وأم سلمة وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود ومعاذ والعباس، رضي الله عنهم أجمعين، وهؤلاء أفاضل الأمة وعلماؤها، فكيف إلى قول أبي حنيفة وإلى سفيان ومالك والشافعي وأحمد وداوود وأبي يوسف ومحمد وابن القاسم لان من رد ذلك إلى غير القرآن وحديث النبي عليه السلام، فقد خالف ما أمره به تعالى في الآية المذكورة. ومن لم [يفعل] ما أمر الله تعالى به، فقد عصى الله عز وجل ورسوله واستحق أقبح الصفات، ولم يحكم بما أنزل الله عز وجل {ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الفاسقون} (المائدة: ٤٧) . وقد أخبرنا حمام بن أحمد (١) ، قال ثنا عبد الله بن علي الباجي (٢) ، ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن (٣) ، نبا أحمد بن مسلم، نبا أبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي، نبا وكيع بن الجراح، عن هشام بن عروة، عن أبيه [٢٤٥ ب] ، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي عليه السلام أنه قال (٤) : " لا ينزع العلم انتزاعاً من قلوب الرجال، ولكن ينزع بذهاب العلماء، فإذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤساء جهالاً فأفتوا بالرأي فضلوا وأضلوا ". وقال عبد الله بن عمر: لم يزل أمر بني إسرائيل مستقيماً حتى فشا فيهم أبناء سبايا الأمم فقالوا بالرأي، فضلوا وأضلوا. وقد أخبرنا بهذا الحديث أيضاً حمام بن أحمد بن عبد الله بن إبراهيم، نبا أبو أحمد وأبو زيد المروزي كلاهما عن محمد بن يوسف الفربري، عن محمد بن إسماعيل البخاري، نبا سعيد بن تليد، نبا ابن وهبن ثني عبد الرحمن بن شريح وغيره عن محمد أبي الأسود عن عروة بن الزبير قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول:


(١) قد مر التعريف به: ١٤٤.
(٢) عبد الله بن علي بن محمد الباجي أبو محمد أصله من باجة القيروان. سكن إشبيلية. ففيه محدث مكثر جليل. سمع من ابن لبابة ومحمد بن عبد الملك بن أيمن وغيرهما (الجذوة: ٢٣٣ عبد الله بن محمد بن علي. وانظر الصلة: ٢٧٥ فلعله هو) .
(٣) محمد بن عبد الملك بن أيمن رحل إلى العراق وحدث بالمشرق والأندلس. وله مصنف قال فيه ابن حزم انه مصنف رفيع وتوفي سنة ٣٣٠ (الجذوة: ٦٣) .
(٤) انظر هذا الحديث في مسند أحمد ٢: ٤٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>