للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيرة كافية كما حدثنا القاضي حمام بن احمد، قال: ثنا عبد الله بن إبراهيم الأصيلي، نبا أبو أحمد الجرجاني، نبا محمد بن يوسف الفربري، نبا محمد بن إسماعيل البخاري، نبا محمد نبا حماد بن أسامة، عن بريد بن عبد الله، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (١) : " مثل ما بعثني الله [به] من الهدى والعلم كمثل غيث كثير أصاب أرضاً فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله تعالى به [الناس] فشربوا وسقوا وزرعوا (٢) ، وأصابت منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلاً، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم (٣) ، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به "؛ فهذا الحديث أيها الاخوة الأصفياء لو لم يأتنا غيره لكفانا، ففيه جماع (٤) طبقات الناس كما ترون، والطائفة الأولى التي (٥) أنبتت الكلأ والعشب هم الذين فهموا معاني القرآن والحديث وتدينوا بها وعلموها الناس؛ والطائفة الثانية التي أمسكت الماء فشرب الناس منها فسقوا ورعوا هم الشيوخ الذين رووا لنا الحديث [٢٤٥/أ] ، وقيدوه وعنوا به وبلغوا إلينا فأخذناه عنهم وإن لم يكن لهم فقه فيه، ولكنهم رضي الله عنهم أجروا فينا أجراً عظيماً، لأنهم كانوا سبب علمنا، فهم شركاؤنا في كل ما قيدنا وعلمنا مما أخذنا عنهم، والطائفة الثالثة هي المعرضة عن النبي صلى الله عليه وسلم التي لا ترفع به رأساً ولا تقبله إذا سمعته ولا تعنى به ولا تطلبه، كما أن تلك القيعان مر عليها الماء مراً، كما دخل خرج، فمن استطاع منكم أيها الإخوة في الله عز وجل أن يكون من الطائفة الأولى النقية فليفعل، فحسب الواحد منا أن يكون في جملة من أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإن لم يمنح ذلك، فليكن من الأجادب التي تمسك الماء، لعل الله ينفع بنا وبكم في ذلك، ولو أن يموت أحدنا وهو مقيد بحديث النبي يشاهد مجالسة طالب له مستكثر منه، فأعيذ نفسي وإياكم بالله أن نكون من القيعان التي لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ.


(١) مثل ما بعثني الخ: انظر باب العلم من صحيح البخاري (والرقاق: ٢٦ والاعتصام: ٢) والعيني ١: ٤٦٥.
(٢) وزرعوا: في هامش ص: صوابه " ورعوا " وكذلك أخرجه مسلم في كتابه. إذ الزرع في الأول. وتصحفت اللفظة في البخاري، والله أعلم، من النقلة.
(٣) ص: وعمل.
(٤) ص: إجماع.
(٥) ص: الذي.

<<  <  ج: ص:  >  >>