الذي يقول سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته، وان المؤمن هو الذي يقول جاءنا بالبينات والهدى " فخبر صحيح وهو حجتي عليك لأنه صلى الله عليه وسلم إنما حكى القول " سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته " عن منافق أو مرتاب، وإنما أتيت أنا على محقق بقلبه ليقينه نافر عن الشك والجحد كل النفار إلا أنه فتح (١) الله عز وجل له في ذلك الحق بالبخت لا عن استدلال؛ وهذا بعينه هو الذي يقول بقلبه ولسانه في الدنيا كما نقول، إذا مات، جاءنا بالبينات والهدى، فتأمل هذا تجده كما قلت لك، والحمد لله رب العالمين.
٢٠ - وأما قولك لي: ويجب أن تنظر في القول إنه عليه السلام لم يدع أحداً إلى غير هذا عموماً، وإذا لم يدع إليه فهو تكلف، وإذا كان تكلفاً فكيف يرجع إليه من اختلج في صدره شيء أو كيف يجده فنعم يا أخي ما دعا عليه السلام إلى غير هذا، ومن العجب أن يكون دعا إلى غير هذا واتفقت الأمم على كتمان هذا وطيه. أترى هذا يا أخي ممكناً حاشا لله من هذا، ونعم، هو تكلف حسن ممن لم تنازعه نفسه إليه. وأما تعجبك بقولك: فكيف يرجع إليه من اختلج في صدره شيء أو كيف يجده أما علمت أن شرب الدواء والكي تكلف وأن من احتاج إليهما لدفع ضرر حل به وجب عليه أن يرجع إليهما فأي عجب في هذا وأنا لم أحتج عليك بهذا التظير، وإنما أريتك إن هذا الذي أنكرت وجوه موجود في العالم، وإنما طلب الاستدلال لتعلم القرآن كله، وتعلم الكتاب ليس فرضاً لكنه تكلف حسن ممن تكلفه، وهما فرض على من قصد ضبط الديانة للناس، والاستكثار من الخير والعلم فقط.
٢١ - وأما قولك: فإن قيل هو مندوب إليه، ولذلك كان له عليه أجر، قيل فجائز لجميع الأمة تركه ولا إثم عليها في إغفاله، وإذا كان هذا أدى إلى أن يكون جميع الشرع [٩٦/أ] بأيدينا دعوى، وفي هذا ما لا يخفى، فاعلم انه مندوب إليه كما قلنا ببرهان انه لم يأت به قط أمر من عند الله تعالى ولا من رسوله صلى الله عليه