للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مضبوط محفوظ مروي، والحمد لله رب العالمين، ليس جهل من جهله حجة على من علمه. وكانوا كلهم رضي الله عنهم يختلفون [٢٢٥/أ] فلا ينكر بعضهم على بعض إلا أن يكون عند أحد منهم خبر عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيذعن له الآخر حينئذ. على هذا جرى الصحابة، رضي الله عنهم، والتابعون وتابعو التابعين أولهم عن آخرهم لا أحاشي منهم أحداً بوجه من الوجوه، إلى أن حدث ما حدث في القرن الرابع؛ فإن كنت لا تعرف ذلك فاطلب الروايات للعلم عند ضباط الحديث تجدها، وكذلك الروايات عن كل من ذكرنا لك (١) في كتابي هذا حاضرة، والحمد لله رب العالمين.

فإن كان هؤلاء لم يستحق أحد منهم أن يكون أميراً للمسلمين في العلم إلا مالكاً ومن اتبعه فهذه بدعة وضلالة لا يعلم في الإسلام بدعة اعظم منها، ما لم تبلغ الكفر؛ لأن من ضل في هذه الطريقة وهلك باتباعها فإنما ضل بإفراطه في علي - رضي الله عنه، وهو صاحب بدري سابق خاص بالنبي، صلى الله عليه وسلم، مضمون له الجنة، فقد صح عن النبي، صلى الله عليه وسلم، انه قال (٢) : " لا يبغضه إلا منافق "؛ وأما الضلال بمثل هذا الإفراط في رجل من عرض المسلمين لا يقطع له بالجنة ولا تضمن له النجاة من النار بل يرجى له ويخاف عليه ولا يقطع له بأكثر من حسن الظن به فما ظننت قط بأحد هذا الإفراط، والحمد لله على ما من به من الهدى وعصم به من الهوى، وإنا لله وإنا إليه راجعون على ما فشا من البدعة وطمس من السنة. وكذلك والله ما توهمت أن مسلماً يعتقد أو يظن أن مالكاً وحده ومن اتبعه لجأوا إلى غير ما نص عليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم في العلم، وأن سائر من خالف أقوال مالك من الصحابة والفقهاء والتابعين بدلوا ما قضى (٣) رسول الله، صلى الله عليه وسلم. فإن لم يكن عندك هذا فلم خصصت مالكاً ومن اتبعه بذلك في كلامه دون سائر العلماء، وما شاء الله كان. فقد أجبتك عما لزمني الجواب عنه بما (٤) أخذ علي من عهد الله تعالى، ولولا ذلك لما (٥) اجبتك، والله يعلم أني غير حريص [٢٢٥ ب] على الفتيا، ومن علم أن كلامه من عمله محصى له مسؤول عنه قل كلامه بغير يقين، ولو أنك يا هذا


(١) عن. ذكرنا: مكرر في ص.
(٢) في مسند أحمد ٦: ٢٩٢ عن أم سلمة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق، وانظر الترمذي (مناقب: ٢٠) والنسائي (إيمان ١٩: ٢٠) .
(٣) ص: قبض.
(٤) ص: عليهم.
(٥) ص: فما.

<<  <  ج: ص:  >  >>