للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى {ونفخ في الصور} {ثم نفخ فيه أخرى} (الزمر: ٦٨) فالصور حق من أنكره كفر، والنفخ حق من أنكره كفر. وأما من قال إن فيه ثقباً على عدد الأرواح، والأرواح فيه، فخرافة من توليد أهل الكذب والإزراء على الإسلام، ونعوذ بالله [٢٢٨/أ] من مثل هذا فإن اعتقاده والقول به يزري إلى إضافته بالله تعالى وبرسوله، وهو كذب عليهما. وقد قال الله تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} (الأعراف: ٣٣) فقرن الله تعالى مع الشرك به القول عليه بما لا علم للقائل به، وأخبرنا أن الشيطان يأمرنا بذلك فليتق الله امرؤ ولا يقل عن الله ما لا علم له به؛ وهكذا القول بأنها على أفنية القبور وأنها ترد كل اثنين وخمسين، فكل هذه خرافات لا يحل القول بها لما ذكرنا، وبالله تعالى التوفيق.

٣ - وأما قول القائل إن النفس والروح شيئان، فخطأ وقول بلا برهان، وقد قال الله تعالى {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} (البقرة: ١١١) فصح أن كل من لا برهان له فليس بصادق؛ وقد قال قوم عن الله تعالى قال {يا أيتها النفس المطمئنة} (الفجر: ٢٧) وقال {ولا أقسم بالنفس اللوامة} (القيامة: ٢) وقال {إن النفس لأمارة بالسوء} (يوسف: ٥٣) هي كل نفس في الأرض حاشا الأنبياء بقوله عليه السلام (١) : " والقلب يتمنى ويشتهي، فأهل الخير يردعون بتوفيق الله تعالى لهم ما تأمره به أنفسهم، وأهل الشر يرتكبون ما أمرتهم به أنفسهم ويتبعون أهواءهم " والنفس اللوامة هي كل نفس دون الأنبياء - عليهم السلام - لان كل أحد دونهم يلوم نفسه على تقصير يكون منها وعلى استقلالها مما تعلو به الدرجات في الجنة.

والروح والنفس شيء واحد بدلائل تكثر ذكرناها في كتاب الفصل (٢) ، من جملتها قول النبي - عليه السلام - إذ نام عن الصلاة (٣) : " إن أرواحنا كانت بيد الله " ثم قال بلال: يا رسول الله اخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك، فأقره، عليه السلام، ولم ينكره. وصح بالنصوص كلها أن النفس مخاطبة ملزمة من الله تعالى محاسبة، ولم يختلف مسلمان في أن للإنسان نفساً (٤) وهي الروح مع الجسد، فلو كانا اثنين لكان


(١) انظر صحيح مسلم (قدر: ٢١) ومسند أحمد ٢: ٣٤٣، ٣٧٩، ٥٣٦.
(٢) الفصل ٥: ٧٤؛ والأدلة النقلية فيه: ٩١.
(٣) يشبه هذا عند البخاري (إرشاد الساري: ١: ٥١٤) إن الله قبض أرواحكم حين شاء وردها عليكم؛ وانظر مجمع الزوائد ١: ٣٢٠، ٣٢٢.
(٤) ص: نفس.

<<  <  ج: ص:  >  >>