للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعذب عند الموت اثنان، وهذا لا يقوله أحد. وسائر ما قلت من خروج واحد وإبقاء آخر تخليط لا دلائل عليه. وقد فسر أمر الرؤيا في كتاب الفصل فأغنى عن التطويل (١) .

٤ - وأما الذي كان يمضي على أتانه (٢) فإنما هو خبر [٢٢٨ ب] مروي رويناه عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، ومطرف رحمه الله ثقة، وهذا لا يصح عنه، وحاشا لمطرف أن يقول هذا الكذب الذي يكذبه القرآن حيث يقول تعالى {وما أنت بمسمع من في القبور} (فاطر: ٢٢) وإذ يقول - عز وجل - {إنك لا تسمع الموتى} (النمل: ٨٠) فلا يجوز أن يخص من هذا شيء إلا ما خصه النص الصحيح، كخطاب النبي لأهل القليب (٣) ، فهو مستثنى، وما صح من نحو هذا فقط. ولو صح هذا عن مطرف، وهو لا يصح، لامكن انه نعس على دابته فرأى ذلك في النوم، فكيف ومثل هذا لا يقطع به على الله تعالى في الغيب إلا جاهل، وبالله التوفيق.

٥ - وأما قولك إن الميت إذا دلي في قبره أتاه ملك اسمه رومان إلى آخر الكلام، فخرافة موضوعة لم يأت قط من طريق لينة فكيف قوية. وإنما صح أنه يأتيه ملكان أسودان فيسألانه ويقطعانه، على ما جاءت به الآثار الصحاح المشهورة. وقول الله تعالى {وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه} (الإسراء: ١٣) كقوله {قال طائركم عند الله} (النمل: ٤٧) فكأن هذا والله اعلم ما عمله المرء وصار (٤) له في ما أحصي عليه.

٦ - وأما سؤالك عن الذنوب التي (٥) تاب عنها العبد بعدما كتبت في الصحيفة، هل تبقى فلا أصل [له] وحاشا لله من ذلك، ولو كان ذلك لكان الكفر إذا تاب عنه المرء بإسلامه باقياً عليه. وهذا ما لا يقوله أحد. وإنما يثبت في الصحيفة ويوازن به العبد ما لا يثبت عنه قط، وبهذا صحت الآثار فيما جاء فيه ترغيب: أن من فعل كذا محيت عنه كذا وكذا سيئة، فصح أنها تمحى. وقد علم قدر ما جنى وقدر ما فضل عليه وان لا يدخل أحد بعمله الجنة إلا إن أسعده الله برحمته.

٧ - وأما سؤالك عن قوله الله تعالى {فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات}


(١) الفصل ٥: ١٩.
(٢) ص: أثانة.
(٣) يعني قليب بدر.
(٤) ص: وطار.
(٥) ص: الذي.

<<  <  ج: ص:  >  >>