للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الفرقان: ٧٠) فنعم، إن من تاب عن الذنب فقد سقط عنه بإجماع الأمة. ومعنى التوبة ترك العودة والندم والاستغفار، فقد عوض التائب مكان كل توبة أزلفها ندماً واستغفاراً، والندم والاستغفار حسنة فهي له مكتوبة. وقد سقطت سيئاته وأبدل الله تعالى بها الحسنات له.

٨ - وأما قولك عن عمر إنه تمنى أن يكون له مثل جبل كذا ذنوباً مغفورة، فأعوذ بالله أن يتمنى [٢٢٩/أ] عمر بهذا أو مسلم في الأرض، فكيف يجوز لذي عقل أن يتمنى بأن يعصي الله عز وجل! أو ما سمعت قول الله تعالى {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} (الجاثية: ٢١) بل يقول: ليت ما أذنبنا من صغير وكبير نتوب عنه أو مغفور أو غير ذلك أو لم يفعله.

٩ - وأما ما سألت عنه ممن يجني الجنايات فتقام عليه الحدود، وهل تبقى عليه تبعة لله تعالى فقد صح عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أن الحدود كفارات (١) حاشا الفساد في الأرض فإنه باق؛ قال الله تعالى {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} (المائدة: ٣٣) فقد نص الله تعالى أن هؤلاء يكون ما أقيم عليهم في الدنيا من الحد خزياً لهم وأن لهم في الآخرة عذاباً عظيماً (٢) .

١٠ - وأما ما سالت عنه من نزول الماء كمني الرجل، فيبعث الله من في القبور، فأذكر هذا الحديث (٣) ولا يحضرني ذكر سنده، فغن صح قلنا به وإلا فلا. وليس هذا مما امرنا به ولا نهينا عنه، والله على ما يشاء قدير. ولا يجوز أن يقال شيء من هذا بغير يقين علم.

١١ - وأما الحديث الذي ذكرت من أنه لا تقوم الساعة حتى لا يبقى أحد يأمر


(١) في أن الحدود كفارات انظر الترمذي وابن ماجة والدرامي (حدود: ١٢، ٣٣ن ٢١ على التوالي) .
(٢) ص: لا يكونوا. خزيا لهم من الحد..عذاب عظيم.
(٣) أخرجه ابن حجر في مجمع الزوائد (١٠: ٣٢٩) من حديث عبد الله بن مسعود ولم يذكر سنده: " ثم يرسل الله ماء من تحت العرش يمني كمني الرجال فتنبت جسمانهم ولحمانهم من ذلك الماء كما تنبت الأرض من الري " والحديث بطوله رواه الطبري، قال وهو موقوف مخالف للحديث الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>