للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إجماع فيما عدا ذلك. والشرائع لا يشرعها إلا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن ربه تعالى، وأما من حلف وشك في الحنث فلا كفارة عليه حتى يوقن، لأننا كنا على يقين انه لم يلزمه كفارة، فلا يجوز أن يلزم عتقاً أو إطعاماً او كسوة أو صياماً بالظنون، ولا يلزم الشرائع إلا باليقين، قال تعالى {إن الظن لا يغني من الحق شيئاً} (يونس: ٣٦) .

١٦ - وأما سؤالك عن عهدة (١) السنة من الجنون والجذام والبرص، فلا يصح في ذلك شيء عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أصلاً بوجه من الوجوه. وإنما روي في العهدة ثلاثة أيام وأربعة من طريقتين واهيين وهما: الحسن عن سمرة، والحسن عن عقبة بن عامر [ولم نرو فيما عدا ذلك] شيئاً أصلاً.

١٧ - وأما سؤالك عن الفرق بين توأمي الزانية، والمغتصبة، والمستأمنة، والمسبية [فأقول في الجواب: أما المستأمنة والمسبية] (٢) فتوأماهما أخوان لأب وأم بلا شك، لان الأصل في ذلك انهما ابن زوج، إذ لا يحمل أحد على حكم الزنا إلا ببينة، فهما لاحقان بأبيهما لان أمهما فرش له. ونكاح أهل الشرك صحيح لإجماع الأمة على إقرارهم عليه إذا أسلموا معاً، لأن منه خلق النبي [٢٣٠/أ] صلى الله عليه وسلم وهو مخلوق من أصح نكاح بلا خلاف. وأما توأما المغتصبة والزانية الملعنة فإنما هما لأم فقط، لان الزانية والمغتصبة ليستا فراشاً للرجل وقد قال عليه السلام (٣) : " الولد للفراش وللعاهر الحجر " فلا يجوز أن يكونا لغير صاحب فراش، وقد أبطل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نسب ابن الملاعنة من أبيه وألحق ولدها بأمه فقط، فهما لأم فقط، ولا فرق بينهما وبين سائر ولدها منه قبل اللعان، إن جاز أن يلحقا به وقد نفاهما، فهما مع سائر ولدها منه إخوة لأب وأم أيضا؛ وهذا ما لا يقوله أحد.

١٨ - وأما سؤالك عن المأسور في دار الحرب الملتزم مالاً لهم بالعهود والمواثيق والأيمان، هل يلزمه الوفاء بذلك فنعوذ بالله من هذا، وهي في إجماع الأمة كلها عهود ومواثيق على باطل وظلم وعلى إعطاء مال بغير حق، ولا يجوز الوفاء بعهود


(١) في حديث عقبة بن عامر " عهدة الرقيق ثلاثة أيام " هو أن يشتري الرقيق ولا يشترط البائع البراءة من العيب فما أصاب المشتري من عيب في الأيام الثلاثة فهو من مال البائع ويرد إن شاء بلا بينة، فإن وجد به عيباً بعد الثلاثة فلا يرد إلا ببينة (اللسان: عهد) .
(٢) زيادة ضرورية.
(٣) ورد هذا الحديث في جميع الصحاح؛ وانظر أيضاً مسند أحمد ١: ٢٥، ٥٩ (ومواضع أخرى كثيرة) .زيادة ضرورية.

<<  <  ج: ص:  >  >>