للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباطل، ولا يحل له أن يبقى عندهم عن قدر على الخلاص، ولا يعطيهم شيئاً إن انطلق قبل أن يأخذوه منه. وإنما قال تعالى {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم} (النحل: ٩١) وهذا ليس عهد الله إنما هو عهد الشيطان؛ فمن قال إنها عهود حق فسله ماذا يقول في أسرهم إياه وحسبهم له، أحق هو أم باطل فإن قال: هو حق، كفر بإجماع المسلمين، وجعل قتل أهل الكفر وأسرهم للإسلام حقاً وعدلا، وإن قال: هو باطل، نقض قوله وصدق انه باطل.

١٩ - وأما سؤالك عن المصر، فإن الله تعالى يقول {ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون} (آل عمران: ١٣٥) وأخبر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ان من هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه (١) ، وهذا كله حق. فالمصر هو الذي عمل الذنب ثم نوى التمادي عليه، فهذا ما لم يعمله، فعليه إثم الإصرار لا إثم مواقعة الذنب حتى يواقعه؛ وأما من هم بسيئة فلم يعملها، فليس مصرا بنص القرآن الذي ذكرنا، ولا إثم عليه فيما هم به حتى يعمله، للنص المذكور.

٢٠ - وأما سؤالك عن من افتض بكراً، فقام عليه أهلها يطلبونه، فأنكرت هي وأقر هو، وقولك: فذهب قوم أن يفرض لها ما يتحلل به عذرتها، وقلت: إلى من يرفع ذلك، أو بأي وجه يستحقه فهذه قضية سخيفة جداً، وما علمنا الفروج في الزنا تستحل بعطية، ولا أن يصالح عليها [٢٣٠ ب] في ذلك بمال، وقد قال تعالى {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} (البقرة: ١٨٨) وهذا الباطل. ونهى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن مهر البغي. وأما إذا أقر هو، فعليه الحد للزنا ولا مزيد، وما عدا ذلك فهذر وجنون، ولو أعطاها شيئاً (٢) على هذا الوجه لردته إليه.

٢١ - وأما سؤالك عن من أقر لآخر بحق، والمقر له منكر، أيوقف له أم لا وهل يدفعه إلى ورثته بعده أم لا فهذا مما اختلف فيه العلماء، فقالت طائفة: يوقف له، وقالت طائفة: لا يوقف له، وقد بطل هذا الإقرار إذا لم يصدقه المقر له، وهذا هو الصحيح، لان ذلك المال المقر له به لا يخلو ضرورة من أحد وجهين لا ثالث لهما: إما أن يكون ملكه للذي هو بيده في جملة ماله، أو المقر له به. فإن كان للمقر له به


(١) ورد هذا الحديث في البخاري (رقاق: ٣١) ومسلم (إيمان: ٢٠٦، ٢٠٧، ٢٥٩) ومسند أحمد ١: ٢٧٩، ٣١٠، ٣٦١؛ ٢: ٣٣٤، ٤١، ٤٩٨.
(٢) ص: من.

<<  <  ج: ص:  >  >>