للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنكاره مطرح وواجب أن يقضى له به أوجب أم كره، وهذا ما لا يقوله أحد. وإن كان لا يجب هذا، فهو بيقين للمقر له كما كان لا ينتقل عنه إلا بنص أو إجماع، إذ قد بطل إقراره به وسقط به، ولا حق لورثة المقر له به، إلا أن يجدد الذي هو بيده إقرار لهم به. لأن الإقرار الأول قد بطل، ولا يجوز أن يقضى بأمر قد بطل.

٢٢ - وأما سؤالك عمن عليه دين لآخر فمات صاحب الدين ولا وارث له، فإن هذا مال يجب تفريقه في مصالح المسلمين بإجماع الأمة. على أن كل مال (١) لا رب له فهو في مصالح أهل الإسلام، حيث ما وضع منها جاز، وبالله تعالى التوفيق.

٢٣ - وأما سؤالك عمن غصب مالا لإنسان فمات المغصوب منه، فماذا يكون للميت وورثته فإن ذلك حق للمغصوب منه قد وجب قبل الغاصب، فلا يسقط بموته، والميت يطالبه به بين يدي الله تعالى، وهو ولي إنصافه منه، بقوله تعالى {ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره} (الزلزلة: ٧، ٨) وقوله تعالى {وجزاء سيئة سيئة مثلها} (الشورى: ٤٠) ثم إذا انتقل ملك ذلك المغصوب إلى ورثة الميت، فهو حق آخر وحكم آخر. وقد تجدد للغاصب غصب آخر من الورثة فحقهم أيضاً فيه بتمامه وهكذا أبدا، وبالله التوفيق.

٢٤ - وأما سؤالك عن قول الشيطان {إني أرى ما لا ترون} (الأنفال: ٤٨) وقول القبيلتين من الجن، هاروت وماروت {إنما نحن فتنة} (البقرة: ١٠٢) هل وقف على من سمع ذلك مشافهة منهما ومن إبليس أم الله تعالى أخبر بذلك فما ظننت قط [٢٣١/أ] أن مسلما يسأل هذا السؤال، وهل خبر أصدق من خبر الله تعالى! وهل يمتري مسلم في أن ما أخبره الله تعالى فانه حق كما أخبر به وهذا مكان لا يستحق الزيادة في الجواب على هذا أصلاً، لعظيم الأمر في ذلك، ونعوذ بالله من الخذلان.

٢٥ - ثم من عجائب الدنيا سؤالك في قول الكفار لعنهم [الله] عن رسول [الله] ، صلى الله عليه وسلم، به جنة، ماذا أرادوا بذلك أرادوا بذلك سواد وجوههم وحمقهم. أو عن مثل هذا يسأل أو يشتغل منه بأكثر من لعنتهم على ذلك واستعظام ما أتوا به فقط، وهذا أيضاً من نوع ما قبله. وأما احتجاج من احتج بقول الكافر: به جنة في أن الجان تتكلم على لسان المصروع فاحتجاج سخيف من دماغ ضعيف،


(١) ص: من.

<<  <  ج: ص:  >  >>