للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا نص. وقال آخرون: معنى {من غيركم} (١) : من غير قبيلتكم، وهذا خطأ لوجهين، أحدهما: انه تخصيص للآية بلا برهان، والثاني: انه لا يجوز ذلك في اللغة، لأنه تعالى لم يخاطب قبيلة بعينها وإنما خاطب الذين آمنوا في أول الآية؛ وغير الذين آمنوا هم الذين كفروا بلا شك. فالحكم بها واجب باق محكم إلى يوم القيامة، لا شك في ذلك، لأنه نص من الله تعالى لم يأت ما يبطله؛ وشهادة الكفار جائزة في السفر خاصة، في الوصية خاصة مع إيمانهم، وهو قول ابن عباس، وأبي موسى الأشعري، وتميم الداري (٢) ، ثلاثة من أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لا مخالف لهم من الصحابة كلهم يأمر بالحكم بها، وبالله التوفيق.

٣٠ - وأما سؤالك: البلاء أفضل أم العافية، والفقر أفضل أم الغنى فسؤال فاسد، إنما الفضل للعباد بأعمالهم، وباختصاص الله تعالى إياهم، وباختصاص الله تعالى ما شاء مما خلق بالتفضيل. ونحن نسأل الله تعالى العافية والغنى ونعوذ بالله من البلاء والفقر، وإنما الفضل بالصبر والشكر. وقد جاء عن النبي، صلى الله عليه وسلم، تفضيل الصبر، والقرآن أيضاً، والله تعالى يعلم مقادير ذلك (٣) وسنرد ونعلم، وإنما كلفنا العلم والعمل بما نعلم، ولم نكلف علم ما عنده تعالى من المقادير، وإنما علينا التسليم لقوله فقط، ونهينا عن التكلف.

٣١ - وأما قولك إنه يحط سليمان، عليه السلام، من درجته في الجنة، لما أوتي من الملك، فما سمعنا بهذا أصلا. والإخبار عن الله بما (٤) يفعل لا يحل إلا بنص صحيح عن النبي، والاشتغال بالسؤال عن مثل هذا فضول، ومن اشتغل بطلب الفضول وما لا يعنيه أو شك أن يضيع الحق وما يعنيه.

٣٢ - وأما سؤالك عن تفاضل ساحة الجنة، وأنها سبع جنات، فقد نص تعالى على أن بعضها فوق [٢٣٢/أ] بعض بقوله تعالى {وللآخرة أكبر درجات واكبر تفضيلا} (الإسراء: ٢١) وبقوله تعالى {لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار} (الزمر: ٢٠) ولو لم يكن كذلك لما كان


(١) هو لاحق بالآية السابقة: يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم.
(٢) ص: الرازي.
(٣) يبدو أن في العبارة نقصاً.
(٤) ص: بلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>