للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبناء بلده وجد لعلوم الأوائل مكاناً " ضروياً " في منهجه التصنينفي. هل كان ابن حزم يهون من شأن التعارض المفترض الذي يقيمه الآخرون بين ما يسمى علوم الأوائل وما يسمى علوم الشريعة إن من عرف ابن حزم، الذي طلب الفلسفة ودرس المنطق وألف فيه ووجهت إليه من أجل ذلك تهم مختلفة، لا يستكثر منه هذا الموقف، بعد أن استبان له شخصياً سلامة منهجه الذي مارسه عملياً، فنظرته هذه هي خلاصة لتجربته الذاتيه محمولة على " مركب " فكري مفلسف.

ولنعد إلى رسالة مراتب العلوم: إنها رسالة لا تقف عند إحصاء العلوم وتصنيفها وتحديد مجال كل علم منها، بل تتعدى ذلك إلى عدة قضايا تتصل بالعلم مثل التكسب بالعلم، فابن حزم يعلي من قيمة المؤدب الذي يعلم الناشئة الهجاء أو الحساب أو الطب، وينهى عن صحبة السلطان بالعلم وخاصة أن يصحبه من يصحبه بالطب أو علم النجوم، وينصح للمتعلم أن لا يقتصر على السماع من أستاذ واحد، ويحذر من طلب العلم للفخر والتمدح ونيل الجاه، ويقف وقفةً طويلة عند ذم المرء لما يجهل من العلوم، ويطبق قانون " التعاون " في العلم كالتعاون في شؤون الحياة الأخرى، ثم لا ينسى أن يقف عند أدعياء العلم الذين يظنون أنهم من أهل العلم وهم ليسوا من أهله؛ وبالجملة فهو يقرر في رسالته هذه بعض " آداب العلم ".

على أن أهم مظهر في الرسالة بعد تبيانها لمراتب العلوم هو رسمها لمنهج في التدريس؛ فبعد أن يسلم الوالد ابنه وهو في الخامسة من عمره لمعلم الخط، يتدرج في مراحل الطلب صعوداً، ولعل هذا المنهج يصور سيرة حياة ابن حزم نفسه في هذا الميدان على نحو مقارب، ومن الطبيعي أن يباين منهجه هذا ما كان سائداً في الأندلس لأنه جعل للمنطق والعلوم الطبيعية مكانةً هامةً فيه، وهير ما يوضح ذلك المنهج أن نضعه على شكل جدول كالآتي:

١

- ٢

٣

- المرحلة الأولى

نوع العلم

أ - الخط.

<<  <  ج: ص:  >  >>