للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستظهر، وبعد اعتزاله العمل السياسي، وأن المنطق كان من أوائل ما درس، وأنه بعده أوغل في علوم الشريعة مستكثراً منها، فهل تصدى للتأليف فيه بعد أن أحكم درسه له يبدو أن الفترة بين دراسته للمنطق وتأليفه فيه لم تكن فترة طويلة.

(٥) ومما يحفز إلى هذا القول أن لدينا شهادة قاطعة تحدد تاريخ دراسته للمنطق وهو قول ابن حزم نفسه: " قرأت حدود المنطق على أبي عبد الله محمد بن الحسن المذحجي الطبيب رحمه الله المعروف بابن الكتاني " (١) وابن الكتاني فيما استظهرته في موطن آخر (٢) لم تتعد وفاته سنة ٤٢٢، فإذا صح ذلك كانت دراسة ابن حزم للمنطق بين ٤١٤ ٤٢٢ فإذا كان قد ألف التقريب قبل وفاة صديقه ابن شهيد فمعنى ذلك أنه كتبه قبل سنة ٤٢٥، فتاريخ التأليف على ذلك قريب من تاريخ الدراسة.

(٦) ونؤيد كل ما تقدم بشهادة تلقي أضواء توضيحية على القضية التي أعالجها هنا وهي قول ابن حزم نفسه في المنطق: " ثم قرأته على ثابت بن ممد الجرجاني العدوي المكنى بأبي الفتوح.... فلما انتهيت إلى أول أقودمطيقاً (أقودقطيقا) على الجرجاني ( ... ) حضر معنا عنده محمد بن الحسن اعترافاً للجرجاني وتقديماً له، وشهد قراءتي على الجرجاني " (٣) وأبو الفتوح الجرجاني دخل الأندلس سنة ٤٠٦ وافداً من المشرق (٤) وتورط في شؤون السياسة بعد اتصاله بباديس بن حبوس صاحب غرناطة فقتل سنة ٤٣١ (٥) وقد ذكره ابن حزم في الفصل، فلا بد من أن تكون الصلة بينهما قد حدثت في حدود الفترة التي قدرناها لدراسة المنطق.

(٧) وهناك نسخة معتمدة للتقريب هي نسخة أبي عبد الله الرصافي (٦) ، وقد قرئت على ابن حزم وخط ابن حزم عليها يشهد بأنها قرئت عليه، وقد فرغ من نسخها في صفر سنة تسع وثلاثين وأربعمائة (٤٣٧) (٧) وهذا يقطع بأن المؤلف قد وضع الصورة


(١) نسخة إزمير (م) الورقة: ٧٤.
(٢) انظر مقدمة كتاب التشبيهات لابن الكتاني: ١٦.
(٣) م، الورقة: ٧٤؛ وكتاب أرسطو المشار إليه هو الرابع في الترتيب.
(٤) الجذوة: ١٧٣ والصلة: ١٢٥.
(٥) الإحاطة ١: ٤٥٨.
(٦) ترجم الحميدي في الجذوة: ٦٣ لمن اسمه محمد بن عبد الملك بن ضيفون الرصافي وكنيته أبو عبد الله، وهو من معاصري ابن حزم، وعنه روى أبو عمر ابن عبد البر، فلعله هو المعنى هنا.
(٧) م: الورقة: ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>