للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المبادئ المومأ إليها " (١) فهذه الحقيقة يدركها من درش كتاب التقريب بعناية، نعم إن ابن حزم لا ينكر أن منطلقاته تمتد إلى فرفوريوس الصوري وإلى أرسطاطاليس أو إلى الأوائل جملة، كما يحلو له أن يعبر، وقد يكون متأثراً بالرواقين في تقسيم الكلمة إلى اسم وفعل وحرف كما يقول روجيه أرنالديز، أو في حديثه عن الحد والرسم، كما يقول روبير برونشفيك (٢) ؛ ولكن ليس هذا هو الشيء الأساسي، إنما الشيء الأساسي هو الانتقال من مرحلة التبسيط أو شرح المستغلق ورفع الالتباس في بعض مواقف الأوائل إلى موقف فكري واضح مستمد من طبيعة اللغة والدين، موجه إلى غايات محددة؛ وقد حدد الدكتور سالم يفوت ثلاثة دواع تظهر الحاجة إلى صناعة المنطق وهي:

(١) فهم بناء كلام الله ورسوله، وفهم أحكامه وطرق استنباطها (منطق البيان) .

(٢) الرد على المشغبة، وهو مر يقتضي التسل بالأفانين التي يلجأون إليها (منطق الجدل) .

(٣) التمييز بين الحق والباطل، وهو أمر يتم بطبيعة الحال لا بصورة مجردة، بل اعتماداً على النص الديني (٣) .

وعلى أساس من هذه الدواعي يعلل الدكتور يفوت أن " إسراع " ابن حزم في تناول أربعة كتب لأرسطو في مجال لا يتجاوز مائة صفحة إلا قليلاً بأنه إنما كان يهدف إلى " رفع قلق الموقف الأرسطي " وهذا ما جعله " يعيد كتابة " أجزاء كثيرة من المنطق " ويهمل " أبواباً كاملة (٤) .

٦ - صرح ابن حزم بأن كتاب التقريب يقع تحت النوع الرابع من المؤلفات، وهو النوع الذي يتناول شرح المستغلق: " ولن نعدم إن شاء الله أن يكون فيها بيان تصحيح رأي فاسد يوشك أن يغلط فيه كثير من الناس، وتنبيه على أمر غامض، واختصار لما ليست بطالب الحقائق إليه ضرورة، وجمع أشياء متفرقة مع الاستيعاب لكل ما


(١) مجلة دراسات عربية، العدد ٤ (السنة ١٩ شباط - فبراير ١٩٨٣) : ٥٧.
(٢) المصدر نفسه: ٥٦.
(٣) المصدر نفسه:٦١.
(٤) المصدر نفسه: ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>