للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبل " (١) ؛ وخطأ الفلاسفة في بعض ما ذهبوا إليه كقولهم في القدمة: إن الجنس أقدم من النوع من أجل أنه مذكور في الرتبة قبله، وقولهم إن المدخل إلى العلوم أقدم من العلوم (٢) ، غير أنه أشد في حملته على المشغبين وخاصة حين يمتد شغيهم إلى الأمور الفكرية والدينية. وواضح أن كثيراً من منهج ابن حزم في الكتاب متأثر بمسلمات عقائدية أو مذهبية التحمت بنفسه قبل أن يتصدى للخوض في المنطق، مثل قضية الخلاء والملاء والاسم والمسمى وأسماء الله الحسنى وإنكار القياس والعلل في الشريعة، وغير ذلك، فهو كثيراً ما ينحو نحو الاستطراد لبيان هذه المسائل، حتى حين تكون صلتها بموضوعات كتابه واهية.

ومما التزمه ابن حزم في منهجه الاعتماد على طبيعة اللغة العربية سواء أكان ذلك في نواحي تميزها أم قصورها، فهو يعلم أن السؤال ب " ما " أو ب " أي " في اللغة العربية قد يستويان وينوب كل واحد منهما عن صاحبه، " ومن أحكم اللغة اللطينية عرف الفرق بين المعنيين اللذين قصدنا في الاستفهام، فإن فيها للاستفهام عن العام لفظاً غير لفظ الاستفهام عن أبعاض ذلك العام " (٣) واللغة العربية ليس فيها لفظة تخص بالكمية دون سواها " وهذا يستبين في اللغة اللطينية عندنا استبانة ظاهرة لا تختل، وهي لفظة فيها تختص بها الكمية دون سائر المقولات العشر؛ وللكيفية أيضاً في اللطينية لفظ يختص بها اختصاصاً بيناً لا إشكال فيه دون سائر المقولات، لا توجد لها ترجمة مطابقة في العربية " (٤) ؛ وإذا وجد مصطلحاً غريب الدلالة في اللغة العربية استبعده، فالأوائل سمت النوع " صورة " في بعض المواضع، وهو يقدر أن يكون ذلك منهم اتباعاً للغة يونان، فربما كان هذا الاسم عندهم، ولكنه لا يصح في اللغة العربية (٥) .

لهذا كله يصدق قول الدكتور سالم يفوت بأن كتاب التقريب يمثل " قراءة لأرسطو حاولت رفع إبهامات والتباسات النص الأرسطي اعتماداً على مبادئ تقول بنسبة المعاني الفلسفية وارتباطها باللغة فيها.... وبالفعل نلاحظ أن العرض لدى ابن حزم لا يمثل الهدف الأساسي، بل هو مجرد لحظة أولى تتلوها ثانية، هل لحظة اتخاذ الموقف انطلاقاً


(١) التقريب: ٨ / ظ.
(٢) التقريب: ٣٣ / و - ظ.
(٣) التقريب: ٧ / ظ.
(٤) التقريب: ٢٢ / ظ، وانظر أيضاً: ٢٣ / ظ.
(٥) التقريب: ٩ / ظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>