للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان كالمحضر إلى غير غاية، إذ (١) العمر يقصر عن ذلك، وليأخذ من كل علم بنصيب، ومقدار ذلك معرفته بأعراض ذلك العلم فقط، ثم يأخذ مما به ضرورة إلى ما لا بد له منه كما وصفنا، ثم يعتمد العلم الذي يسبق (٢) فيه بطبعه وبقلبه [و] بحيلته، فيستكثر منه ما أمكنه، فربما كان ذلك منه في علمين أو ثلاثة أو أكثر، على قدر زكاء فهمه، وقوة طبعه، وحضور خاطره، وإكبابه على الطلب، وكل ذلك بتيسير الله تعالى؛ فلو بإرادة (٣) المرء كان، لكان منى كل أحدٍ أن يكون أفضل الناس. والفهم والعناية مقسومان كقسمة المال والحال:

والحظ مقسوم فأجمل في الطلب

ومن طلب [العلم] (٤) ليفخر به أو ليمدح به أو ليكتسب به مالاً أو جاهاً، غبعيد عن الفلاح لأنه ليس له غرض في التحقيق فيه، وإنما غرضه شيء آخر غير العلم. ونفس الإنسان وعينه طامحتان إلى غرضه فقط فلا يبالي كيف كان طلبه إذا حصل على مراده الذي إياه قصد.

فالعلوم تنقسم أقساماً سبعة عند كل أمة وفي كل زمان وفي كل مكان وهي: علم شريعة كل أمة، فلا بد لكل أمة من معتقد ما، إما إثبات وإما إبطال، وعلم أخبارها وعلم لغتها، فالأمم تتميز في هذه العلوم الثلاثة، والعلوم الأربعة الباقية تتفق فيها الأمم كلها، وهي [علم النجوم] ، وعلم العدد والطب، وهو معاناة الأجسام، وعلم الفلسفة، وهي معرفة الأشياء على ما هي عليه من حدودها من أعلى الأجناس إلى الأشخاص، ومعرفة إليهة.

وقد بينا أن كل شريعة سوى الإسلام فباطل، فالواجب الاقتصار على شريعة الحق، وعلى كل ما أعان على التبحر في علمها.

وعلم شريعة الإسلام ينقسم أقساماً أربعة: علم القرآن، وعلم الحديث، وعلم


(١) ص: أذى.
(٢) ص: ينشق.
(٣) ص: إرادة.
(٤) زيادة لازمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>