للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما أراد الله تعالى منا، وما به أخبر عنا (١) ، وما به يكون المخلص من هول مكاننا الكدر المظلم المشوب بالآفات المملوء من أنواع المتالف والمهالك، والمحفوف بأصناف البلايا والمعاطب، وهو المعرفة بالشريعة والإعلان بها والعمل بموجبها، فإذا الأمر كذلك، فلا سبيل إلى صحة المعرفة بها واستحقاق حقيقتها إلا بمعرفة أحكام الله عز وجل وعهوده إلينا في كتابه المنزل، وبمعرفة ما وصانا به محمد عليه السلام وبلغه لينا، وما أجمع علماء الديانة عليه، وما اختلفوا فيه، ولا يوصل إلى هذا إلا بمعرفة الناقلين لتلك الوصايا وأزمانهم وأسمائهم وأنسابهم للفرق بين ما اتفقت فيه الأسماء، وبمعرفة المقبولين من غيرهم ومعرفة من لقوا فحدثوا عنه ممن له يلقوه فبلغهم عنه، وبمعرفة القراءات المشهورة (٢) ليوقف بذلك على ما تتفق فيه المعاني مما تختلف فيحدث باختلافهم حكم ما، وكل هذا لا يتم إلا بمعرفة مستعمل اللغة ومواقع الإعراب الذي تختلف المعاني باختلاف أمثلته وأشكاله، ولا بد في اللغة والإعراب من التعلق بطرف من علم الشعر، ولا بد من المعرفة بالنسب بما يدري المرء من تجوز الإمامة ممن لا تجوز فيهم، ومن هم الأنصار الذين [أمرنا] (٣) بالإحسان إلى محسنهم والتجاوز عن مسيئهم، ومن هم أولو القربى الذين حرمت عليهم الصدقة، ولا بد أن يعرف من الحساب ما يعرف به القبلة والزوال إلى أوقات الصلوات، ولا يوقف على حقيقة ذلك إلا بمعرفة الهيئة، ولا يعرف حقيقة البرهان في ذلك إلا من وقف على حدود الكلام، ولا بد أن يعرف من الحساب أيضاً كيف قسمة المواريث والغنائم، فإن تحقيق ذلك فرض لا بد منه.

ولا بد في الشريعة من معرفة العيوب التي تجب [التكليف كعاهة الجنون المتملكة، وقوام الآفات والأدواء، فلا بد من] (٤) معرفة العلل ومداواتها وهو علم الطب. والدعاء إلى الله عز وجل واجب، ولا سبيل إليه إلا بالخط والبلاغة، ومعرفة ما تستجلب به القلوب من حسن اللفظ وبيان المعنى، ولا يكون هذا إلا بالمعرفة الشرعية


(١) ص: اخترعنا.
(٢) ص: المشورة.
(٣) زيادة لازمة.
(٤) ما بين معقفين مكتوب في هامش النسخة وقد طمس معظمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>