وهذا مأخوذ من الفقه في تصرية ضرع الشاة عند البيع، وذلك يوجب الرد.
ومما ينتظم بهذا السلك قولي، وهو:
"الانتقال عن خلَّة الوداد، كالانتقال عن نسب الميلاد، وكما يحرُم هذا في نص الحكم المشروع، فكذا يحرم هذا في خلق الكرم المطبوع، على أنَّ نسب الخلَّة الذي ينميه القلب إلى القلب، أوصل من نسب الرحم الذي ينميه الابن إلى الأب، ولهذا كانت مودة سلمان١ قربى، ونسب أبي لهبٍ سبًّا وتبًّا".
وبعض هذا مأخوذ من شعر أبي نواس وهو:
كانت مودَّة سلمان له نسبًا ... ولم يكن بين نوحٍ وابنه رحم
ومن ذلك ما ذكرته في وصف الديار، وهو:
"دارٌ كانت مقاصر جنَّة، فأصبحت وهي ملاعب جنة، ولقد عميت أخبار قطانها، وأنشاز أوطانها، حتى شابهت إحداهما في الخفاء، الأخرى في العفاء، وكنت أظنَّ أنها لا تسقى بعدهم بغمام، ولا يرفع عنها جلباب ظلام، غير أن السحاب بكاهم فجرت بها سوافح دموعه، والليل شقَّ عليهم ثوبه فظهر الصباح من خلال صدوعه".
وهذه معانٍ لطيفة جدًّا، وبعضها مأخوذ من شعر الشريف الرضي -رحمه الله تعالى:
أمرابع الغزلان غيَّرك البلى ... حتى غدوت مراتع الغزلان
ومما يلتئم بهذا المعنى قولي أيضًا، وهو:
"دارٌ أصبحت مراتع أذواد، بعد أن كانت مناجع روَّاد، فلو تصوَّرت الآمال التي مثلت بفنائها، كما تصوَّرت الآثار المماثلة من بنائها، لرأيت رسومها مع رسوم القباب، وعلمت كم غار بها من بحرٍ ونضب من سحاب".