للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا سلت السحب فيه سيوفها, كان ذلك للرضا لا للغضب، وإذا خلعت على الأرض غلالتها الدكناء لبست منها ديباجة منسوجة بالذهب".

وهذا المعنى مستَوْلَد من قول أبي تمام في وصف السحاب:

سلبته الجنوب والدين والدنيـ ... ـا وصافي الحياة في سلبه١

إلّا أن في الذي ذكرته معنيين غريبين إذا أمعن الناظر نظره فهمهما.

ومن ذلك ما ذكرته في لين القول وإعادته، وما يجري مجراه، كقولي في فصل من كتاب، وهو:

لم أُعِدْ عليه القول لأنه لا يبلغ مدى ميدانه، إلّا بتحريك سوطه وعنانه، بل أخذًا بأدب الله في أذكار القرآن واتباعًا لسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- في تثويب الأذان٢".

وبعض هذا مأخوذ من شعر أبي تمام:

لو رأينا التأكيد خطة عجزٍ ... ما شفعنا الأذان بالتثويب٢

وكذلك قولي أيضًا، وهو:

"وقد علم أن لين القول أنجع قبولًا، وهو من أدب كليم الله إذ بعثه إلى فرعون رسولًا، ألا ترى أن الحداء يبلغ من المطايا بلطفه، ما لا يبلغه السوط على عنفه".

وبعض هذا المعنى مأخوذ من شعر أبي تمام:

وخذهم بالرُّقَى إن المهارى ... يُهَيِّجُهَا على السير الحُدَاءُ


١ ديوان أبي تمام ٥٢ والذي في الديوان:
قد جلبته الجنوب فالدين والدنـ ... ـيا وصافي الحياة من جلبه
وهو من قصيدة يمدح بها أبا الحسن محمد بن عبد الملك بن صالح الهاشمي، ومطلعها:
إن بكاء في الربع من أريه ... فشايعا مغرمًا على طربه
٢ التثويب في أذان الفجر أن يقول المؤذن "الصلاة خير من النوم".
٣ ديوان أبي تمام ٣٨, ورواية الديوان "التوكيد" بالواو، ومن معاني التثويب الترديد.
٤ ديوان أبي تمام ٣٩٤، والرقى جمع رقية، والحداء: الغناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>