ثم تصرفت في هذا المعنى فأخرجته في معرض آخر، وهو فصل من جملة تقليد يكتب من ديوان الخلافة لبعض الوزراء، فقلت:
وقد علمه أمير المؤمنين، فأدنى مجلسه من سمائه، وآنسه على وحدة الانفراد بحفل نعمائه، وذلك مقام لا تستطيع الجدود أن ترقى إلى رتبته، ولا الآمال تطوف حول كعبته، ولا الشفاه أن تتشرف بتقبيل تربته، فليزد إعجابًا بما نالته مواطئ أقدامه، ولينظر إلى سجود الكواكب له في يقظته لا في منامه".
ومن ذلك ما ذكرته في ذم بخيل، وهو:
"لم أرَ كمواهب فلان ملأت أملي بطمع وعودها، وفرغت يدي من نيل وجودها,. فلم أحظ إلا بلامع سرابها، وكانت كدم القميص في كِذَابِها".
ومن ذلك ما ذكرته في تزكية إنسان مما رُمِيَ به، وهو:
"لم تُرْمَ بذنب إلا نابت البراءة له مناب الشهود، وجيء من أهلها بشهادة القميص المقدود".
ومن ذلك ما ذكرته في عذر الهوى، وهو:
"لم يهو حبيبًا إلا كان لأهل التقى فيه أسوة، ولا ليم من أجله إلا اعتذر عذر امرأة العزيز إلى النسوة".
ومن ذلك ما ذكرته في فصل من جواب كتاب إلى بعض الإخوان، وهو:
"إن كان الكلام كما قيل ذكرًا والجواب أنثى, فجوابي هذا عروس تجلَّى في حللها المحبرة، وعقودها المشذرة، وتزهى بما آتاها الله من الحسن الذي ليس بالمجلوب، ولا ترضى بتقطيع الأيدي دون تقطيع القلوب، وها قد أرسلتها إلى سيدنا حتى يعلم أنَّ نتائج خاطري على الفطرة، وأنها معشوقة الصور فكل الناس في هواها بنو عُذرَة".
وفي هذا الفصل معنى الآية والخبر والنبوي والبيت من الشعر.