للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك ما ذكرته في وصف الكيد، وهو:

"لم يأت أمرًا إلا أخفى أسباب أواخيه، وبدأ فيه بالأوعية قبل وعاء أخيه".

وهذه ثلاثة عشرة معنى من سورة يوسف -عليه السلام.

وأما الآيات التي هي من سور متفرقة, فأولها ما كتبته في صدر كتاب إلى بعض الإخوان جوابًا عن كتابه، وهو: "ورد كتابه عشية يوم كذا فعرض علي عرض الجياد على سليمان، وتساوينا في الاشتغال منه ومنها بالاستحسان، غير أن الجياد وإن حسنت فإنها لا تبلغ في الحسن مبلغ الكتاب، لكن قلت كما قال: إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب، ولئن قضي الاشتغال هناك بمسح سوقٍ وأعناق، فإنه لم يقض ههنا بمسح سطور ولا أوراق، وإنما اشتغلت عن عبادة بعبادة، ولو شئت لقلت: عن إفادة بإفادة".

وهذا مأخوذ من قصة سليمان -عليه السلام- في سورة "ص"، وهي قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ، إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ، فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ، رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} ١.

فانظر كيف أخذت هذه القصة, وقابلت بينها وبين الكتاب، ثم إني تصرَّفت فيها بالموافقة بينهما تارة والمخالفة بينهما أخرى.

وهكذا ينبغي أن يفعل فيما هذا سبيله.

ومن ذلك ما كتبته عن الملك الأفضل علي بن يوسف:

إلى الديوان العزيز النبويِّ ببغداد في فصل من كتاب، وهو:

"وقد علم أنَّ المال الذي يختزن، كالماء الذي يحتقن، فكما أن هذا يأجن بتعطيل الأيدي عن امتياح مشاربه، فكذلك يأجن هذا بتعطيل الأيدي عن امتياح مواهبه،


١ سورة ص: الآيات ٣٠-٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>