للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا المعنى مأخوذ من الحديث في وصف نعيم الجنة فنقلته إلى الدعاء.

ومن ذلك ما ذكرته في وصف الحلم، وهو:

"تركته حتَّى جال في الميدان، وامتدَّ في الأشطان١، ولم أنتصر خوفًا من قيام الملك وقعود الشيطان، والحليم لا يظهر أثر حلمه إلا عند تلدده٢، والكظيم٣ هو أشد ما يخاف من تبدده".

وهذا المعنى أخذته من قصة أبي بكر -رضي الله عنه- في خصامه، فإنه بُغِيَ عليه ثلاث مرات وهو ساكت، ففي الثالثة انتصر، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: "كان الملك جالسًا إلى جانب أبي بكرٍ يكذِّب خصمه بما يقول, فلما انتصر قام المَلَكُ وقعد الشيطان".

ومن ذلك ما ذكرته في النصرة على العدو في مواطن القتال، وهو:

"أخذنا بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في النَّصر الذي نرجوه، ونبذنا في وجه العدو كفًّا من التراب، وقلنا: شاهت٤ الوجوه، فثَبَّت الله ما تزلزل من أقدامنا، وأقدم حيزوم فأغنى عن إقدامنا".

وهذان المعنيان أحدهما مأخوذ من حديث غزوة حنين، وما فعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أخذ قبضة من التراب, وألقاها في وجوه الكفار وقوله: "شاهت الوجوه" , والمعنى الآخر مأخوذ من حديث غزوة بدر، وذاك أن رجلًا من المسلمين لاقى رجلًا من الكفار وأراد أن يضربه, فخرَّ على الأرض ميتًا قبل أن يصل إليه، وسمع الرجل المسلم صوتًا من فوقه، وهو يقول: "أقدم حيزوم٥" فجاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخبره، فقال: "ذاك من مدد السماء الثالثة".


١ الأشطان جمع شطن: وهو حبل البئر.
٢ تلدد: تلفَّت يمينًا وشمالًا، وتحير، وذلك عند اشتداد الخصومة.
٣ الكظيم: الذي يكظم الغيظ، أي: يبقي على ما في نفسه منه على صفح أو غيظ.
٤ شاهت الوجوه: قبحت.
٥ حيزوم: فرس جبريل -عليه السلام، كما في القاموس.

<<  <  ج: ص:  >  >>