"وضاق الضرب بين الفريقين حتى اتصلت مواقع البيض الذكور، وتصافحت الفور بالفور١, والصدور بالصدور، واستظلَّ حينئذ بالسيوف لاشتباك مجالها، وتُبُوِّئَت مقاعد الجنة التي هي تحت ظلالها".
وهو مأخوذ من الحديث النبوي، وهو قول النبي -صلى الله عليه وسلم:"الجنة تحت ظلال السيوف".
ومن ذلك ما ذكرته في جملة كتاب أذمّ فيه الزمان، فقلت:
"ولكنها الأيام تبدي لنا من جوهرها كل غريبة، وتسوسنا سياسة العبد المجدع الذي كأن رأسه زبيبة، وليس للمرء فيما يلقاه من أحداثها نُعْمَى كانت أو بُوسى، إلّا أن يكل الأمور إلى وليها فيقول: حاجَّ آدم موسى".
وهذا مأخوذ من الخبر النبوي في قوله -صلى الله عليه وسلم:"حاجَّ آدم موسى، فقال له موسى: أنت أخرجت الناس بخطيئتك من الجنة وأشقيتهم، فقال له آدم: أنت الذي اصطفاك الله تعالى برسالته وكلامه? أتلومني على أمرٍ كتبه الله تعالى علي قبل أن يخلقني"؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:"فحجَّ آدم موسى".
ومن ذلك ما ذكرته في وصف بعض الكتاب، وهو فصل من كتاب كتبته إليه، فقلت:
"ولقد سردت عليه أحاديث البلاغة فاستغنى عن بسط ردائه، وهدي إلى جوامع كلمها, فاقتدى الناس باهتدائه، فإذا اشتبهت عنده مسالك طرقها لم يملكه سلطان الحيرة، وإن أغرب في أساليبها لم يقل فيه ما قيل في رواية أبي هريرة".
وهذا الفصل من أحسن ما يؤتى به في صناعة نثر المعاني، وهو مأخوذ من حديث أبي هريرة، قال: قلت: يا رسول الله، أسمع منك أشياء فلا أحفظها، فقال: ابسط
١ الفور وبهاء وقد تهمز رمح في سغ الفرس تنفش إذا مسحت وتجتمع إذا تركت.