للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التقليد بأسلوب ابن الأثير:

وأمَّا التقليد الذي أنشأتُه أنا فقد أوردته بعد هذا التقليد، وهو:

"أما بعد, فإن كل كلامٍ لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم، وكل كتاب لا يُرْقَم باسمه فليس بمُعْلَم، وعلى هذا فإن حمده يتنَزَّل من الكلام منزلة الرقوم من الثياب، وقد جمعنا في كتابنا هذا بين التسمية والتحميد، وجعلنا أحدهما مفتاحًا للتيمن, والآخر سببًا للمزيد، ثم ردفناهما بالصلاة على سيدنا محمد الذي أيَّده الله بالقرآن المجيد، وجعل شهادته قبل كل شهيد، وعلى آله وصحبه الذين هدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد.

ومما يقترن بهذه الصلاة في أثوابها, ويجيء على أعقابها، النظر في أمر الأسرة النبوية التي وصل ودّها بودّه، وجعلها إحدى الثقَلَين المخلفين من بعده١، وقد تقادم الآن زمانها، وتشعَّبت أغصانها، ونسي ما لها في الرقاب من عهدة الأمانة، ولم توضع فيما وضع الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- من المكانة، وأولى الناس بها مَنْ أضمر ولاءها حقًّا، وأوجب أن يردَ معها الحوض حين يقال لوارده: سحقًا، وكان بمن تحت يده منها بارًّا رفيقًا, حتى لا يسأله برًّا ولا رفقًا، ونحن نرجو أن نفوز بفضيلة هذه الحسنة، وأن يسبق إليها سبق المتقرّب في الجمعة ببدنة.

ومن أهمّ أمورها أن يختار لها زعيمٌ يرأف بها رأفة الوالد بولده، ويقوم بأمرها قيام الرأس بجسده، حتى تأتلف أصولها كلها في مغرسها، ولا يحكم عليها من ليس من أنفسها، وقد اخترنا من وفقنا في اختياره، وأخذنا فيه ببيان الرأي وحزمه, لا بشبهة الهوى واغتراره، ولو لم يكن من القوم الذين ولُّوها لكان استحقاقه لها بينًا، والتعويل عليه متعيّنًا، فكيف وقدمه فيها قديمة الميلاد، ووراثته إياها عن سيادة الجدود وسؤدد الأجداد، وهو أنت أيها السيد الشريف الحسيب النسيب: "فلان بن فلان


١ روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في آخر عمره: "إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي" , قالوا: وسماها ثقلين إعظامًا لقدرهما، لأن العرب تقول لكل شيء نفيس مصون ثقل، وأصله في بيض النعام الصون، ويقال للسيد العزيز: ثقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>