للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ، الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ، وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} ١.

هذا عهد أمير المؤمنين إليك، وحجته عليك، وقد وقفك على سواء السبيل، وأرشدك إلى واضح الدليل، وأوسعك تعليمًا وتفهيمًا، ولم يألك جهدًا فيما عصمك وعصم على يدك، ولم يدخِرك ممكنًا فيما أصلح بك وأصلحك، ولا ترك لك عذرًا في غلط تغلطه، ولا طريقًا إلى تورُّط تتورَّطه، بإلقائك في الأوامر والزواجر إلى حيث يلزم الأئمة أن يندبوا الناس إليه، ويحثّوهم عليه, مقيمًا لك على منجيات المسالك, صارفًا لك عن مرديات المهالك، مريدًا فيك ما يسلِّمك في دينك ودنياك، يعود بالحظ عليك في آخرتك وأولاك، فإن اعتدلت وعدلت فقد فزت وغنمت، وإن تحانفت واعوججت فقد فسدت وندمت، والأوْلى بك عند أمير المؤمنين مع مغرسك الزاكي، ومنبتك النامي, وعودك الأنجب، وعنصرك الأطيب، أن تكون لظنه محقِّقًا، ولمخيلته فيك مصدِّقًا، وأن تستزيده بالأثر الجميل قربًا وثوابًا يوم الدين، وزلفى عند أمير المؤمنين، وثناءً حسنًا من المسلمين.

فخذ ما نبذ إليك أمير المؤمنين من معاذيره، وأمسك بيدك على ما أعطى من مواثيقه، واجعل عهده مثالًا تحتذيه، وإمامًا تقتفيه، واستعن بالله يعنك, واستهده يهدك، وأخلص إليه في طاعته يخلص لك الحظ في معونتك، ومهما أشكل عليك من الخطب, أو أعضل عليك من صعب، أو بهرك من باهر، أو بهظك من باهظ، فاكتب إلى أمير المؤمنين [به] منهيًا، وكن إلى ما يرد عليك من جوابه متطلعًا إن شاء الله تعالى, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

التقليد بأسلوب ابن الأثير:

وأما التقليد الذي أنشأته أنا فهو هذا:

"أما بعد، فإن أمير المؤمنين يبدأ بحمد الله الذي يكون لكلِّ خطبة قيادًا، ولكل أمر مهادًا، ويستزيده من نعمه التي جعلت التقوى له زادًا، وحمَّلته عبء الخلافة


١ سورة المطففين: الآيات ١-٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>