للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبشرى، وإذا أخذ بها بلج بحجَّته يوم يسأل عن الحُجَج، ولم يختلج دون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الحوض من يختلج, وقيل لا حرج عليك ولا إثم إن نجوت من ورطات الاسم والحرج، والسلام".

ثناء على الصابي، ومنزلته من فن الكتابة:

وهذا الذي ذكرته في كلامي وكلام الصابي في هذه التقاليد الأربعة لم أقصد به الوضع من الرجل، وإنما ذكرت ما ذكرته لبيان موضع السجع الذي يثبت على المحك.

ولا شكَّ أن هذا الوصف المشار إليه في فقر الأسجاع لم يكن مقصودًا في الزمن القديم، إما لمكان عسره، أو لأنَّه لم ينتبه له.

وكيف أضع من الصابي وعلم الكتابة قد رفعه, وهو إمام هذا الفن والواحد فيه? ولقد اعتبرت مكاتباته فوجدته قد أجاد في السلطانيات كل الإجادة وأحسن كل الإحسان، ولو لم يكن له سوى كتابه الذي كتبه عن عز الدولة بختيار بن بويه١ إلى سبكتكين٢ عند خروجه عليه, ومجاهرته إياه بالعصيان؛ لاستحق به فضيلة التقدم، كيف وله من السلطانيات ما أتى فيه بكل عجيبة? لكنه في الإخوانيات مقصِّر وكذلك في كتب التعازي.

وعندي فيه رأي لم يره أحد غيري، ولي فيه قول لم يقله أحد سواي: وذاك أن عقل الرجل في كتابته زائد على فصاحته وبلاغته، وسأبين ذلك فأقول: لينظر الناظر في هذين التقليدين اللذين أوردتهما له، فإنه يرى وصايا وشروطًا واستدراكات


١ هو أبو منصور بختيار الملقب عز الدولة بن معز الدولة أبي الحسين أحمد بن بويه الديلمي، ولي مملكة أبيه يوم موته، وتزوج الإمام الطائع ابنته "شاه زمان" على صداق مبلغه مائة ألف دينار، وكان عز الدولة ملكًا سريًّا، شديد القوى، يمسك الثور العظيم بقرنية فيصرعه، وكانت بين عز الدولة وابن عمه عضد الدولة منافسات في الممالك أدت إلى التنازع والمحاربة، فالتقيا يوم الأربعاء ثامن عشر شوال سنة ٣٦٧هـ فقتل عز الدولة، وحمل رأسه في طست ووضع بين يدي عضد الدولة، فلمَّا رآه وضع منديله على عينيه وبكى -رحمهما الله.
٢ نص الكتاب في المختار من رسائل الصابي ١/ ٢٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>