للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكنها مِلكٌ لربٍ مقدِّرٍ ... يعير جنوب الأرض مرتد فيها١

ولم تحظ من ذاك النزاع بطائلٍ ... من الأمر إلّا أن تُعَدّ سفيهًا

فيا نفس لا تعظم عليك خطوبها ... فمتَّفقوها مثل مختلفيها

تداعوا إلى النَّزر القليل فجالدوا ... عليه وخلَّوها لمغترفيها

وما أمُّ صلٍّ أو حليلةٌ ضيغمٍ ... بأظلم من دنياك فاعترفيها٢

تُلاقِي الوفود القادميها بفرحةٍ ... وتبكي على آثار منصرفيها

وما هي إلّا شوكةٌ ليس عندها ... وجدك إرطابٌ لمخترفيها٣

كما نبذت للطير والوحش رازمٌ ... فألقت شرورًا بين مختطفيها٤

تناؤت عن الإنصاف من ضيم لم يجد ... سبيلًا إلى غايات منتصفيها

فأطبق فمًا عنها وكفًّا ومقلقَ ... وقل لغويّ الناس فاك لفيها٥

ومن ذلك٦:

أرى الدنيا وما وصفت ببرٍّ ... إذا أغنت فقيرًا أرهقته٧

إذا خشيت لشرٍّ عجَّلته ... وإن رُجِيتَ لخيرٍ عوَّقته

حياة كالحبالة ذات مكرٍ ... ونفس المرء صيدٌ أعلقته

فلا يخدع بحيلتها أريبٌ ... وإن هي سوَّرته ونطقته

أذاقته شهيًّا من جناها ... وصدَّت فاه عمَّا ذوَّقته


١ الجنوب: جمع جنب, وهو شق الشيء، وارتدفه: تبعه.
٢ أمّ صلٍّ: الحية، وحليلة الضيغم: لبؤة الأسد, أي: زوجته، وقوله: فاعترفيها, أي: فاعرفيها.
٣ في الديوان "شاكة" موضع "شوكة", والشاكة الكثيرة الشوكة، والإرطاب: مصدر أرطب النخل, حان أوان رطبه، واخترف الثمار: جناها.
٤ الرازم: البعير لا يقوم هزالًا، وإنما الضمير والفعل لتأويله بمؤنث أو خبر عن الطير.
٥ هذه كلمة تستعملها العرب عند الدعاء بالمكروه والشماتة به, والمعنى: جعل الله فم الداهية مقابلًا لفيك، وأصل ذلك أن السباع إذا تهارشت صرفت أفواهها بعضها لبعض، فكأنهم يدعون على من يقال له ذلك أن يكون مكابدًا للدواهي.
٦ لزوم ما لا يلزم ٢/ ٤٠٠.
٧ في الديوان "أوهقته" أي: جعلت الوهق -وهو الحبل- في عنقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>