للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا "ياسين" كان يبيع الناطف ببغداد.

وحكى إبراهيم البندنيجي قال: رأيت شيخًا يبيع ناطفًا، فقلت له: يا شيخ أما زلت في الصناعة? قال: مذ كنت، ولكن الحال كانت واسعة والسلعة نافقة، وكنت ممن يشار إلي، حتى قال أبو نواس في، وأنشد هذا البيت.

فانظر أيها المتأمّل ما أحلى لفظ أبي نواس في لزومه، وما أعراه عن الكلفة!

وكذلك فلتكن الألفاظ في اللزوم وغيره.

ما يلحق باللزوم:

واعلم أنه إذا صغِّرت الكلمة الأخيرة من الشعر أو من فواصل الكلام المنثور, فإن ذلك ملحق باللزوم، ويكون التصغير عوضًا عن تساوي الحروف التي قبل رويّ الأبيات الشعرية, والحروف التي قبل الفاصلة من النثر.

فمن ذلك قول بعضهم:

عزَّ على ليلى بذي سُدَيْر ... سوء مبيتي ليلة الغُمَيْر١

مقضبًا نفسي في طُمَيْر ... تنتهز الرعدة في ظُهَيْري

يهفو إلي الزور من صُدَيْري ... ظمآن في ريحٍ وفي مُطَيْر

وازر قُرٍّ ليس بالغُرَيْر ... من لَدُ ما ظهرٍ إلى سُحَيْر

حتى بدت لي جبهة القُمَيْر ... لأربع خلون من شُهَيْر

وهذا من محاسن الصنعة في هذا الباب، فاعرفه.

وأحسن منه ما ورد عن أبي نواس وعن عنان جارية النَّطَّاف، وله معها حكايات كثيرة غير هذه، فقال أبو نواس٢:

أما ترقي لصب ... يكفيه منك قُطَيْره


١ رواية لسان العرب "٦/ ٢١" "سوء مبيتي بلد الغمير" قال ابن منظور: يجوز أن يريد بذي سدر، فصغَّر وقيل: ذو سُدَيْر موضع بعينه.
٢ أخبار أبي نواس لابن منظور المصري: ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>