للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كان خطبًا واحدًا خف كلمه ... ولكنه خطبٌ أعيد على خطب

"وقد أصدر الخادم كتابه هذا، ومن حقه أن يخرج في ثوب من الحداد، وأن يتعثر في أذيال كلمه، والكتاب عنوان الفؤاد، وغاية ما يقول: أحسن الله عزاء المجلس السامي الملك الأجل السيد، على أن هذا الدعاء قد شهدت الحال بلحنه، وكيف يملك قلبه عزاء، وقد أوثقه الهم في سجنه، وصار له ولدًا دون ولده، وخدنًا دون خدنه، لكن يدعى له بامتداد البقاء، وأن تعامله الحوادث بعد هذه معاملة الإبقاء".

"ثم نتبع ذلك بطلب الجنة لمن نقلته المنايا عن أرائك الخدور، وجعلته في بطون القبور، ولمن فاجأت الأيام غصنه فقصفته، ولم يعش حتى عرف الدنيا ولا عرفته، فواهًا لهما وقد نزلا بمنزل عديم الإيناس، وإن كان مأهولًا بأكثر الناس، فهو القريب دارًا، البعيد مزارًا، الذي حجب من اليأس بأمنع حجاب، وذهب عن الوجوه المنعمة لذل التراب، فمن كان مسعدًا للمجلس، فليأخذ بوله الجزع لا بعزيمة الاصطبار، وليقل: هذا حادث بان فيه تحامل الأقدار، وجرت همومه مجرى الخواطر من القلوب والرقاد من الأبصار، فالأسوة -إلا فيه- معدودة من الإحسان، والسلوة -إلا عنه- داخلة في حيز الإمكان".

"والخادم أولى من لقي المجلس فيه بالإسعاد، وقام بما يجب من قضاء حق الوداد، وفعل ما يفعله القريب الحاضر، وإن كان على شقة من البعاد، وقد أرسل من ينوب عنه في التعزية، وإن لم يكف فيها المناب، وكما رخص العذر في قصر الصلاة، فكذلك رخص في الاقتصار على الرسول والكتاب، وقد ورد لو حضر بنفسه، فاستسقى لذلك الضريح سحابًا، وعقر عنده ركابًا، وسأل الله مغفرة وثوابًا والسلام".

في هذا الكتاب معنى غريب، وهو قولي: "سعد الأخبية" كناية عن المرأة و"سعد السعود" كناية عن ولدها؛ لأن "سعد الأخبية" اسم منزلة من منازل القمر، و"الأخبية": جمع "خباء"، ومن شأن المرأة أن تحتجب في الأخبية، فهي سعدها،

<<  <  ج: ص:  >  >>