للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا من المعاني الغريبة في مثل هذا المقصد، وقد اتفق "سعد الأخبية" و"سعد السعود" معًا، وهذا أيضًا غريب.

كتاب عن الملك الأفضل إلى أخيه الملك الظاهر غازي:

ومن ذلك أني كتبت كتابًا عن الملك الأفضل، "علي بن يوسف" إلى أخيه الملك الظاهر "غازي بن يوسف" صاحب حلب، في أمر شخص كان أبوه صاحب

مدينة "تكريت"١، وهذه تكريت كان يتولاها قديمًا الأمير أيوب٢ جد الملك

الأفضل والملك الظاهر، وأولد بها ولده صلاح الدين يوسف أباهما، وعلى عقب ولادته انتقل والده عن تكريت هو، وعشيرته لأمر طرأ لهم٣، وجاء إلى الموصل، ثم إلى الشام، وهناك سعدوا وكانت السعادة على يد صلاح الدين يوسف.

فلما أردت أن أكتب هذا الكتاب علمت أنه مظنة المعاني المبتدعة؛ لأن الأمر المكتوب فيه غريب لم يقع مثله، فحينئذ كبتت هذا الكتاب، وهو:

رفع الله شأن مولانا الملك الظاهر، ولا زال الدهر فاخرًا بمآثر سلطانه، ناظمًا مناقبه في جيده ومحامده في لسانه، ناسخًا بمساعي دولته ما تقدم من مساعي آل


١ تكريت بفتح التاء، والعامة بكسرها، بلد مشهور بين بغداد والموصل، وبينها وبين بغداد ثلاثون فرسخا في غربي دجلة، ولها قلعة حصينة أحد جوانبها إلى دجلة.
٢ هو نجم الدين أيوب بن شاذي بن مروان الملقب "الملك الأفضل"، وهو والد الملوك صلاح الدين، وسيف الدين وشمس الدولة، وسيف الإسلام وشاه شاه وتاج الملوك يوري وست الشام، وربيعة خاتون، وأخو الملك أسد الدين، شب به فرسه عند باب النصر -أحد أبواب القاهرة- فألقاه في وسط المحجة، فحمل إلى داره، وكانت وفاته سنة ٥٦٨هـ.
٣ ذلك الأمر أن أخاه أسد الدين كان قد قتل رجلا، فأمسكه أخوه نجم الدين أيوب، وأعتقه، وكتب إلى بهروز وعرفه صورة الحال ليفعل به ما يراه، فوصل إليه جوابه: لأبيكما على حق، وبيني وبينه مودة متأكدة، فما يمكنني أن أكافئكما بحالة سيئة تصدر مني في حقكما، ولكن أشتهي منكما أن تتركا خدمتي، وتخرجا من بلدي وتطلبا الرزق حيث شئتما، فلما وصل إليهما الجواب
ما أمكنهما المقام بتكريت، فخرجا منها، ووصلا إلى الموصل، فأحسن إليهما الأتابك عماد الدين زنكي.

<<  <  ج: ص:  >  >>