للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بويه١ وآل حمدانه٢،كتاب الخادم هذا واردٌ من يد الأمير شمس الدين بن صاحب تكريت، وهي أول أرض مس جلد الوالد ترابها، ورقمت بها السعادة على جبينه كتابها، ومنها ظهر نور البيت الأيوبي مشرقًا، وأشام إذا خرج معرقًا، وكفاه بذلك وسيلة يكتنفها الإحسان والإرعاء، ويكفي صاحبها أن يقول: لا أسقي حتى يصدر الرعاء، وقد قرنها بوسيلة قصد الخدمة التي توجب لقاصدها ذمامًا، وتقول له: سلامًا إذا قال: سلامًا، ثم ثلث هاتين الوسيلتين بكتاب الخادم أخذًا بالسنة النبوية في الدعاء وعدده، وتفاؤلًا بتثليث النجوم فيما يقصده المرء من سعادة مقصده، ولا قدح في كرم الكريم إذا استكثر طالبه من الأسباب، فإن الله على كره قد استكثر إليه من أعمال الثواب.

"وكتاب الخادم على انفراده كافٍ لحامله، ومكثر من حقوق وسائله، وقد صدر مخاطبًا عن فحوى ضميره، فإنما تحق السفارة إذا قعد بكل طالبٍ سعي سفيره، وهو مع


١ آل بويه من الفرس، وجدهم الأقرب الذي أسس دولتهم أسمه "بويه"، ولقبه أبو شجاع، وكان له ثلاثة أولاد: علي، ويلقب عماد الدولة، وحسن، ويلقب ركن الدولة، وأحمد، ويلقب معز الدولة، جاءوا إلى بغداد سنة ٣٣٤هـ فرحب بها المستكفي، وخلع عليهم ولقبهم بتل الألقاب، وجعل معز الدولة أمير الأمراء، فاستبدوا في المملكة، واستولوا على الخلافة، وعزلوا الخلفاء وولوهم، فرفعوا منار الشيعة، وأحيوا معالمها، وأضعفوا نفوذ الأتراك، وامتدت سلطة البويهيين على العراق وفارس، والخراسان إلى سنة ٤٤٧هـ، وكانوا يحبون العلم والأدب، ولا يستوزرون أو يستكتبون إلا العلماء والشعراء والكتاب، فكان أشهر أدباء ذلك العصر من وزرائهم أو أعمالهم، أو قضاتهم أو كتابهم كابن العميد، والصاحب بن عباد وسابور بن أزدشير المهلبي، فضلا عن الأدباء من العمال، والقضاة وكتاب الدولة، على أن ملوك بني بويه أنفسهم اشتهر منهم غير واحد في الأدب والشعر.
٢ الدولة الحمدانية دولة عربية من قبيلة تغلب بجوار الوصل، جدها حمدان كان له شأن في تلك الديار، واستولى ابنه محمد بن حمدان على ماردين، فأخرجه منها الخليفة المعتضد، وتولى أخوه أبو الهيجاء بن حمدان أمير على الموصل، وما يليها سنة ٢٩٢هـ واشتد ساعده، وزادت قوة الحمدانيين في ذلك الحين، وصاروا دولة حكم منها أربعة أمراء في الموصل، وخمسة في حلب، حتى خرجت الموصل منهم إلى البوثيين سنة ٣٨٠هـ، واستولى الفاطميون على حلب سنة ٣٩٤هـ، وأشهر بني حمدان في نصرة العمل، والأدب سيف الدولة - أبو الحسن علي- صاحب حلب من سنة ٣٣٣ إلى سنة ٣٥٦هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>