للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خبر ابنته، فقال: هلمَّ صحيفة، ثم أملى عليه: "الكلام لا يخرج عن اسم وفعل وحرف جاء لمعنى"، ثم رسم له رسومًا فنقلها النحويون في كتبهم, وقيل: إن أبا الأسود دخل على زياد ابن أبيه١ بالبصرة فقال: إني أرى العرب قد خالطت العجم، وتغيَّرت ألسنتها، أفتأذن لي أن أصنع ما يقيمون به كلامهم? فقال: لا، فقام من عنده، ودخل عليه رجل فقال: أيها الأمير، مات أبانا، وخلَّف بنون، فقال زياد: مات أبانا وخلَّف بنون، مه, ردوا علي أبا الأسود. فردوه، فقال له: اصنع ما كنت نهيتك عنه، فوضع شيئًا٢. ثم جاء بعده ميمون الأقرن٣ فزاد عليه، ثم جاء بعده عنبسة بن معدان المهري٤، فزاد عليه, ثم جاء بعده عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي٥، وأبو عمرو بن العلاء٦ فزادا


١ هو زياد بن أبي سفيان، استلحفه معاوية بأبيه، وأمه سمية جارية الحارث بن كلدة, ولد عام الهجرة وقيل: يوم بدر، واستعمله عمر بن الخطاب على بعض أعمال البصرة، واستعمله علي على بعض بلاد فارس, ولم يزل معه حتى قتل, وسلم الحسن الأمر إلى معاوية، فاستلحفه بأبيه، وجعله أخًا له، واستعمله على البصرة، ثم أضاف إليه الكوفة، وبقي عليها إلى أن مات سنة ٥٣هـ.
٢ قال أبو حرب بن أبي الأسود: أول باب رسم أبي من النحو باب التعجب, وقيل: أول باب رسم باب الفاعل والمفعول، والمضاف، وحروف الرفع والنصب والجر والجزم.
٣ هو الإمام المقدَّم في العربية بعد أبي الأسود وعنه أخذ، وأخذ عنه عنبسة بن معدان الفيل في أصح الروايتين، وزاد على أبي الأسود في حدود العربية.
٤ هو عنبسة بن معدان الفيل الميساني, أخذ النحو عن أبي الأسود، قالوا: ولم يكن فيمن أخذ عنه النحو أبرع منه، وروى الأشعار وظرف وفصح، وروى شعر جرير والفرزدق.
٥ هو أبو بحر عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، كان قيمًا بالعربية والقراءة إمامًا فيهما، وكان شديد التجريد للقياس، وكان عبد الله بن أبي إسحاق يطعن على العرب، وكان يرد كثيرًا على الفرزدق ويكلمه في شعره, فقال فيه الفرزدق:
فلو كان عبد الله مولى هجوته ... ولكن عبد الله مولى مواليا
وتوفي بالبصرة سنة سبع عشرة ومائة, في أيام هشام بن عبد الملك.
٦ هو العلم المشهور في علم القراءة واللغة العربية، واسمه كنيته، وقيل: إن اسمه زبان، أخذ النحو عن نصر بن عاصم الليثي، وأخذ عنه يونس بن حبيب البصري, والخليل بن أحمد, وعلي بن المبارك، وكان يونس بن حبيب يقول: لو كان أحد ينبغي أن يؤخذ بقوله في كل شيء كان ينبغي أن يؤخذ بقول أبي عمرو بن العلاء كله في العربية، ولكن ليس من أحد إلّا وأنت آخذ من قوله وتارك إلّا النبي -صلى الله عليه وسلم، وتوفي أبو عمرو بن العلاء في سنة ١٥٤هـ في خلافة المنصور.

<<  <  ج: ص:  >  >>