للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإضافة "الرجل" إلى المال من إضافة الصوت.

ومن هذا الضرب قول أبي تمام١:

وكم أحرزت منكم على قبح قدها ... صروف النوى من مرهفٍ حسن القد٢

فإضافة "القد" إلى "النوى" من التشبيه البعيد البعيد، وإنما أوقعه فيه المماثلة بين القد والقد.

وهذا أدب الرجل في تتبع "المماثلة" تارة، "والتجنيس" أخرى، حتى إنه ليخرج إلى بناء يعاب به أقبح عيب وأفحشه.

وكذلك ورد قوله٣:

بلوناك أما كعب عرضك في العلا ... فعالٍ وأما خد٤ مالك أسفل

فقوله: "كعب عرضك" و"خد مالك" مما يستقبح ويستنكر، ومراده من ذلك أن عرضك مصون ومالك مبتذل، إلا أنه عبر عنه أقبح تعبير.

وأبو تمام يقع في مثل ذلك كثيرًا.

وأما الضرب الآخر من التوسع: فإنه يرد على غير وجه الإضافة، وهو حسن لا عيب فيه.

وقد ورد في القرآن الكريم؛ كقوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} ٥ فنسبة القول إلى السماء


١ ديوان أبي تمام ١٢٧ من قصيدة في مدح موسى بن إبراهيم الرافعي، والاعتذار إليه ومطلعها:
شهدت لقد أقوت مغانيكم بعدي ... ومحت كما محت وشاع من برد
٢ رواية الديوان "صروف الردى" موضع صروف النوى، والقدم القوام، والمرهف الرقيق.
٣ ديوان أبي تمام ٢٤٥ من قصيدة في مدح أبي المستهل محمد بن شقيق الطائي. مطلعها:
تحمل عنه الصبر يوم تحملوا ... وعادت صباه في الصبا وهي شمأل
٤ رواية الديوان "جد" بالجيم المعجمة، والجد الحظ.
٥ سورة فصلت: الآية ١١ قال ابن قتيبة: إن قوما قالوا في هذه الآية: لم يقل الله ولم تقولا، وكيف يخاطب معدوما؟ وإنما هذا عبارة لكوناهما فكانتا، ورد عليهم بقوله: وما في نطق جهنم ونطق السماء، والأرض من العجب؟ والله تبارك وتعالى ينطق الجلود والأيدي والأرجل، ويسخر الجبار والطير بالتسبيح.
وانظر تأويل مشكل القرآن ٧٨ و٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>