للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التوسع في الكلام:

وأما القسم الذي يكون العدول فيه عن الحقيقة إلى المجاز لغير مشاركة بين المنقول، والمنقول إليه فذلك لا يكون إلا لطلب التوسع في الكلام، وهو سبب صالح؛ إذ التوسع في الكلام مطلوب.

ضربا التوسع:

وهو ضربان:

أحدهما: يرد على وجه الإضافة، واستعماله قبيح، لبعد ما بين المضاف والمضاف إليه، وذاك؛ لأنه يلتحق بالتشبيه المضمر الأداة، وإذا ورد التشبيه ولا مناسبة بين المشبه، والمشبه به كان ذلك قبيحًا، ولا يستعمل هذا الضرب من التوسع إلا جاهل بأسرار الفصاحة والبلاغة، أو ساهٍ غافل يذهب به خاطره إلى استعماله ما لا يجوز ولا يحسن، كقول أبي نواس١:

بح صوت المال مما ... منك يشكو ويصيح

فقوله: "بح صوت المال" من الكلام النازل بالمرة، ومراده من ذلك أن المال يتظلم من إهانتك إياه بالتمزيق، فالمعنى حسن، والتعبير عنه قبيح.

وما أحسن ما قال مسلم بن الوليد٢ في هذا المعنى:

تظلم المال والأعداء من يده ... لا زال للمال والأعداء ظلامًا

وكذلك ورد قول أبي نواس أيضًا٣:

ما لرجل المال أمست ... تشتكي منك الكلالا


١ ديوان أبي نواس ٧٠ من قصيدة يمدح بها العباس بن عبد الله بن أبي جعفر المنصور، ومطلعها:
غرد الديك الصدوح ... فاسقني طاب الصبوح
٢ من قصيدة يمدح فيها يزيد بن مزيد الشيباني ومطلعها:
طيف الخيال حمدنا منك إلاما ... داويت سقما وقد هيجت أسقاما
٣ ديوان أبي نواس ١١٩ من قصيدة في مدح إبراهيم بن عبد الله الحجي وأولها:
هل عرفت الدار أجلى ... أهله عنه فزالا

<<  <  ج: ص:  >  >>